قُضيَ مِنْهُ، أي ويجعل للمقر له، نعم؛ إن فَضَلَ من المال شيء فهو لهُ، كان بقي منه شيء ففي ذمته إلى أن يعتق، هذا إذا قبلنا إقرارَهُ فيما يضره (•) دون غيره فَإن قَبِلنا إِقْرَارَهُ مطلقًا فالمال يُسَلمُ للمقر له والْدَّينُ في ذمتهِ.
وَلَو ادَّعَى رِقَّهُ مَنْ لَيسَ فِي يَدِهِ بِلا بَيِّنَةِ لَم يُقْبَل، لأن الظاهرَ الحُرّية فلا يترك إلا بحجة، بخلاف النسب؛ فإن في قبولهِ مصلحة للصي وثبوتُ حَق لَهُ، وَكَذَا إِنِ ادّعَاهُ الْمُلتقِطُ فِي الأظْهرِ، لأنَّ الأصلَ الْحُرية فلا تُزالُ بمجرَّدِ الدعوى، والثاني: تُقبل ويحكمُ بالرق كيدِ غير الملتقط.
وَلَوْ رَأَينَا صَغِيرًا مُمَيِّزا، أَوْ غَيرَهُ فِي يَدِ مَن يَسْتَرقهُ وَلَم يُعرَفِ استِنَادُها إِلَى الألْتِقاطِ؛ حُكِمَ له بِالرقِّ، أي إذا ادَّعاهُ؛ لأنَّ الظاهرَ ممن في يده؛ ويتصرفُ فيه تصرفَ المالكينَ ولا معارض له ولا سبب يحالُ عليه أنهُ مَلَكَه، ولو كان هذا الصبي منكِرًا فلا أثر له على الأصح، وقيل: إن كان مميزًا احتاجَ إلى البينة، فَإِن بَلَغَ وقال: أَنَا حُر، لَمْ يُقْبَلْ قَوله فِي الأصَحِّ إلا بِبَيِّنَة، لأنا قد حكمنا بِرِقِّهِ في حال الصغر؛ فلا يرفع ذلك الحكم إلا بحجةٍ؛ لكن له تحليف السيدِ، قاله البغوي، والثاني: يُقبل قوله؛ لأنه الآن من أهل القولِ ولا نظر إلى ما حكمنا به قبل، وَمَن أَقَامَ بَينَةَ بِرِقِّهِ عُمِلَ بِها، لظهور فائدتها، ويشْتَرَطُ أَن تَتَعرضَ البَيِّنَةُ لِسَبَبِ المِلْكِ، من إرث وشراء وغيرهما؛ لئلا يعتمد ظاهر يد الالتقاط، وَفِي قَولٍ: يَكْفِي مُطْلَقُ المِلْكِ، كما في الأموال.
فَصل: لَو استَلْحَقَ اللقِيطَ حُر مُسلِمٌ لَحِقَهُ، أي بشروطه السَّالفة في الإقرار؛ لأنه أقرَّ له بحق لا ضرَرَ فيه على غيره فأشبه ما لو أقر لهُ بمال، وقوله (مسُلِمٌ) لكونِ الكافر لا يستلحقُ اللقيطَ المحكومَ بكفرهِ، وإنما ذكره في لقيط محكومٍ بإسلامِهِ؛ وكُلُّ مَنْ جازَ أنْ يكون ذلك اللقيطُ ولدًا لهُ جازَ أنْ يستلحقَهُ، وَصَارَ أوْلَى، الناس،