فَالمَالُ لَهُم لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَينِ، لقوله تعالى {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَينِ}(٢٥٣) والمرادُ أن للابنِ سهمانِ وللبنتِ سهمٌ، وهذه على سبيل التعصيب قطعًا، والابنُ عُصبةٌ بِنَفْسِهِ، والبنتُ عُصبةٌ بالابنِ، والأخواتُ مع البناتِ عصبة مع غيره كما سيأتي، وإنما فُضِّل الذكرُ على الأنثى لأنه مختصٌّ بالنصرة وغيرها، والمرأةُ على النصف منه في الشهادة، وهي تستغني عن الإنفاق عليها من مال نفسها في معظم عُمُرِهَا بالزُّوْج.
وَأوْلادُ الابْنِ إِذَا انفَرَدُوا كأوْلادِ الصُّلْبِ، أي بلا فرق لتنزيلهم منزلتهم وهذا إجماع، فَلَو اجْتَمَعَ الصِّنْفَانِ، أي أولادُ الصلْبِ وأولادُ الابنِ، فَإن كَان مِنْ وَلَدِ الصلْبِ ذَكَرٌ؛ حَجَبَ أَوْلادَ الابْنِ، لقربه بالإجماع، وَإلَّا، أي وإن لم يكن ثَم ذكر من أولادِ الصُّلْبِ، فإن كَان لِلصُّلْبِ بِنتٌ، فَلَهَا النِّصفُ، لما سبق، وَالْبَاقِي لِوَلَدِ الابْنِ الذكُورِ أَو الذكُورِ وَالأنَاثِ، أي لِلذكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَينِ، فَإن لم يَكنُ إِلَّا أُنثَى أَوْ إِنَاث؛ فَلَهَا أَوْ لَهُنَّ السُّدُس، أما في الأُنثى فلما تقدم، وأما في الاناثِ فلأَنَّ البناتَ لا يستحقونَ أكثر مِنَ الثلثَينِ، فالبنت وبناتُ الابنِ أَوْلى وَتَرَجَّحَتْ بنتُ الصُّلبِ علي بناتِ الابن لقربها، ويشتركْنَ فيه كما تشتركُ الجدات في السدُسِ.
وإن كان لِلصُّلْبِ بِنْتَانِ فَصَاعِدًا؛ أَخَذَتَا الثُّلُثَينِ، كما؛ سبق، وَالبَاقِي لِوَلَدِ الابْنِ الذُّكُورِ أَو الذُّكُورِ وَالإنَاثِ، وَلَا شَيءَ لِلإِنَاثِ الْخُلَّصِ، لأنهن إنما يأخُذْن الثُلثين، عند عدم البنات أو ما بقي من الثلثين، ولهذا سمّي ذلك السدسُ تكملة الثلثين، وادعى الماوردي الإجماع عليه، إِلَّا أَن يَكُون أَسفَلَ مِنْهُن ذَكَرٌ فَيُعَصِّبهُنَّ، لأنه لا يمكنُ إسقاطهُ لأنه عُصبة ذكر، وإذا لم يسقط؛ فكيف يجوز حرمان من فوقه؟ وكيفَ يفردُ بالميراث مع بُعْدِهِ وهُو لو كان في درجتهنَّ لم ينفرد بالميراثِ مع قربهِ؛ ولذلك لا يعصب من هي أسفل منه، ولا من هي فوقه، إذا حصل لها شيء من الثلثين كما ذكره المصنف بعدُ، ولو كان في درجتهن فيعصبهن وهو مَفْهُوْمُ مما ذكرهُ