فإن اجتمعا فَالعَمُّ لأبوينِ يُسقِطُ العَمَّ لأب كأخٍ لأبوين مع الأخ لأبٍ، وَكَذَا قِياسُ بَنِي العَم، أي من الأب والأم أو من الأب، وَسَائِرُ عَصَبَةِ النَّسَبِ، يعني أن بني العَم عند عدم العَمَّ كبني الإخوة عند عَدَمِ الأخ وقوله (وَسَائِرِ عَصَبَةِ النَّسَبِ) يعني أن كلَّ ابنٍ من العصبةِ ينزلُ منزلة أبيه العاصِب فيما سبق؛ وإلّا فعند بني الأعْمَامِ لم يبقَ من عصبات النسب شيءٌ أبعدُ منهُمْ، وقد يورد عليه بنو الأخوات اللاتي هنَّ عصبات مع البنات وليس بنوهُنَّ مثلهن وهُن من عصبة النسب.
وَالْعَصَبَةُ؛ مَن لَيس لَهُ سهم مُقَدَّر مِنَ الْمُجمَع عَلَى تَورِيثهِم، فَيَرِثُ المَال أَو مَا فَضَلَ بَعدَ الفُرُوْضِ، وهذا بيان لحدِّ العاصبِ وحكمِهِ، واحترز بقوله (مِنَ المُجمَع عَلَى تَوْرِيثِهِمْ) عن ذوي الأرحام، فإن من ورثهم، لايسميهم عصبات، وإن لم يكن لهم سهم مقدر، وما ذكره لا يمشي على مذهب أهل التنزيل، فإنهم ينزلون كلا منهم منزلة من يدلي به؛ وهم ينقسمون إلى ذوي فروض وعصبات، والدليل على الحكم المذكور الحديث السالف [أَلحِقُوا الفَرَائِضَ بِأهلِهَا فَمَا بَقيَ فَهِيَ لأوْلَى رَجلٍ ذَكَرٍ](٢٦١) والجمع بين رجل وذكر تأكيد؛ لأن الرجُلَ قد يطلقُ لا في مقابلة الأنثى فأريد تحقيق أنه ليس بأنثى، وقال السهيلي: إنه تابع لأوْلَى لا لرجل، ولم يذكر المصنف ترتيب العصبات كما ذكره الرافعي وغيرُهُ؛ لأنه اكتفى بما سبق في بيان الورثة والحجب وفيهما كفاية. وقوله (مَنْ لَيس لَهُ سَهْم مُقَدَّر) أي في حال تعصيبه من جهة التعصيب ليدخل الأب والجد والأخوات مع البنات؛ لأن لهم في حالة أخرى سهمًا مقدَّرًا. وقوله (فَيَرِثُ المَال أوْ مَا فَضَلَ بَعْدَ الفُرُوضِ) لا ينبغي أن يحمل على الشخص، لأن الأخوات لا يرِثنَ المال جميعَهُ في حالةٍ من الأحوال، وإنما مرادُهُ أن العاصب قد يرث المال إذا انفرد، وذلك في بعض الأشخاصِ في بعض الأحوالِ، وقد يرث ما فَضَلَ في بعض الأحوال، وذلك في كل الأشخاص.