للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِصْدَاقٍ، لأنَّ تصرُّفَهُ في الحالِ مصادِفٌ لِمِلْكِهِ فينفُذُ. والوصيَّةُ تمليكٌ عندَ الموتِ فإذا لم يَبْقَ في مِلْكِ الموصِي لَغَتِ الوصيَّةُ كما لو هلَكَ الموصَى بهِ، وَكَذَا هِبَةٍ أَوْ رَهْنٍ مَعَ قَبْضٍ، لما قلناهُ، وَكَذَا دُوْنَهُ فِي الأَصَحِّ، أمَّا في الهبةِ فلظهورِ قصدِ الصَّرْفِ عن الموصَى لهُ، وأمَّا في الرَّهْنِ فلأنَّهُ عُرْضَةٌ للبيعِ، والثاني: لا فيهِما، أمَّا في الهبةِ فلأنَّهُ لم يؤثِّرْ في مِلْكِهِ فكذَا في رُجُوعِهِ، وأمَّا في الرَّهْنِ فلأنَّهُ لا يزيلُ الملكَ بلْ هو نوعُ انتفاعٍ كالإستخدامِ، وفي الهبةِ الفاسدَةِ أوجهٌ في الحَاوي، ثالثها: إنْ قُبِضَتْ كانَتْ رُجُوعًا وإلّا فلا. وكلامُهُ يُفْهِمُ طردَها في الرَّهنِ الفاسدِ أيضًا كما قالهُ في الكفايَةِ، وَبِوَصِيَّةٍ بِهَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ، أي فإنهُ أيضًا رُجُوعٌ لِمَا مَرَّ، وَكَذَا تَوْكِيلٍ فِي بَيعِهِ؛ وَعَرْضِهِ عَلَيهِ فِي الأَصَحِّ، لأنَّهُ تَرَسُّلٌ إلى أمرٍ يحصُلُ به الرجوعُ، والثاني: لا، فَقَدْ لا يوجدُ.

تَنْبِيهٌ: هذا كلُّهُ في الوصيَّةِ بمعيَّنٍ، فإنْ أوصَى بِثُلُثِ مالِهِ ثم تصرَّفَ في جميعِ ما يملكُهُ ببيعٍ أو إعتاقٍ أو غيرهِما. لم يكنْ رُجُوعًا وكذا لو هلَكَ جميعُ مالِهِ.

وَخَلْطُ حِنْطَةٍ مُعَيَّنَةٍ رُجُوعٌ، لأنَّهُ أخرجَهُ عن إمكانِ التسليمِ، وَلَوْ أَوْصَى بِصَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ فَخَلَطَهَا بِأَجْوَدَ مِنْهَا فَرُجُوعٌ، لأنَّهُ أحدَثَ بالخلطِ زيادةً لم يُوْصِ بتسليمِها، أَوْ بِمِثْلِهَا فَلَا، لأنَّ الموصَى به كان مخلُوطًا به مُشَاعًا فلا تضرُّ زيادةُ الخلطِ، وَكَذَا بِأَرْدَأَ فِي الأَصَحِّ، لأنَّ التغييرَ فيهِ بالنقصانِ فأشبَهَ ما لو عَيَّبَ الموصَى بهِ أو أتلفَ بعضَهُ، والثاني: أنهُ رجوعٌ لأنَّهُ غيَّرَ الوصَى بهِ عمَّا كانَ فأشبَهَ الخليطَ بالأجودِ، وهذا ما أوردَهُ القاضي أبُو الطَّيِّبِ ونسبَهُ إلى عامَّةِ الأصحابِ واختارَهُ الإمامُ ولم يَنْسِبِ الرافعيُّ ما رجَّحَهُ لأحدٍ بل جزَمَ بِهِ، وَطَحْنُ حِنْطَةٍ وَصَّى بِهَا وَبَذْرُهَا وَعَجْنُ دَقِيقٍ وَغَزْلُ قُطْنٍ وَنَسْجُ غَزْلٍ وَقَطْعُ ثَوْبٍ قَمِيصًا وَبِنَاءٌ وَغَرَاسٌ فِي عَرَصَةٍ رُجُوعٌ، لزوالِ الاسمِ عنهُ وإشعارُهُ بالإِعراضِ.

فَصْلٌ: يُسَنُّ الإِيصَاءُ بِقَضَاءِ الدَّينِ، لأنَّهُ إذا شُرِّعَ أن يُوصِي في حقِّ غيرِهِ فخاصَّةُ نفسِهِ أَوْلى، وهذا في الدَّينِ الذِي لا يعجَزُ عنهُ في الحالِ، أما الذي يعجَزُ عنهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>