للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في الحالِ فالوصَايَةُ بهِ واجبةٌ، ذكرَهُ في الروضة قال: وكذا الإيصاءُ في ردِّ المظالِمِ، ورَدَّ على الرافعيِّ في قولِهِ: إنَّ ذلكَ سُنَّةٌ، وَتَنْفِيذِ الوَصَايَا، أي يُسَنُّ الإيصاءُ أيضًا في تنفيذِ الوصايَا، وهو بزيادة ياءٍ بَينَ الفاءِ والذالِ، كما رأيتُهُ بخطِّهِ، وَالنَّظَرِ فِي أَمْرِ الأَطْفَالِ، أي يُسَنُّ أيضًا وقد فَعَلَ ذلكَ جماعةٌ من الصحابَةِ منهُم عُثمانُ والمقدَادُ (٢٨٦).

وَشَرْطُ الْوَصِيِّ تَكْلِيفٌ، أي فلا تصحُّ الوصَايَةُ إلى صبيٍّ أو مجنونٍ ولو قلَّ جنونُهُ، لأنَّها ولايةٌ وأمانةٌ وليسَا من أهلِها، نَعَمْ تصحُّ الوصيَّةُ إلى زيدٍ ثم إلى ابنِهِ إذا بَلَغَ كما سيأتي، فلو أوصَى إلى زيدٍ ثم إلى ولدِهِ المجنونِ إذا أفاقَ ففي صحَّتِها وجهانِ قالهُ الماورديُّ، وَحُرِّيَّةٌ، أي فلا تصحُّ إلى رقيقٍ لأنها تَسْتَدْعِي فَرَاغًا وهو مشغولٌ بخدمَةِ السَّيِّدِ، وسواءٌ عَبْدُهُ وعَبْدُ غيرِهِ، وَعَدَالةٌ، أي فلا تجوزُ إلى فاسقٍ لما فيها من معنى الولايةِ والأمانةِ، وَهِدَايَةٌ إِلَى التَّصَرُّفِ فِي الْمُوْصَى بِهِ، أي فلا تصحُّ إلى مَن يعجزُ عنهُ ولا يهتدِي إليه لِسَفَهٍ أو مَرَضٍ أو هَرَمٍ أو تَغَفُّل أو غيرِها، لأنَّها لا غِبطَة إلى التَّفْويضِ لِمَنْ هذا حالُهُ، وَإِسْلامٌ، فلا تجوزُ وصَايَةُ الْمُسْلِمِ إلى الذّمِّيِّ، لأنَّهُ مُتَّهَمٌ في حَقِّ الْمُسْلِمِ قال تعالى: {لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً. . .} الآية (٢٨٧)، وإذا كان مُتَّهَمًا لم


(٢٨٦) * عن هشام بن عُروةَ عَنْ أبِيهِ قَال: أَوْصَى إِلَى الزُّبَيرِ - رضي الله عنه - عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفِ وَعَبْدُ الله بْنُ مَسْعُودٍ وَالْمِقْدَادُ بْنُ الأَسْوَدِ وَمُطِيعُ بْنُ الأَسْوَدِ - رضي الله عنهم -. فَقَال لِمُطِيعٍ: (لَا أَقْبَلُ وَصِيَّتَكَ). فَقَال لَهُ مُطِيعٌ: أَنْشُدُكَ الله وَالرَّحِمَ، وَاللهِ مَا أَتَّبِعُ إِلَّا رَأيَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه -، إِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُوْلُ: (لَوْ تَرَكْتُ تِرْكَةً أَوْ عَهِدْتُ عَهْدًا إِلَى أَحَدٍ لَعَهِدْتُ إِلَى الزُّبَيرِ بْنِ الْعَوَّامِ، فَإِنَّهُ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الدِّينِ).
رواه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب الوصايا: باب الأوصياء: الأثر (١٢٩٢٧).
* عن عامرِ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ الزُّبَيرِ؛ قَال: أَوْصَى عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، فَكَتَبَ: (إِنَّ وَصِيَّتِي إِلَى اللهِ وَإِلَى الزُّبَيرِ بْنِ الْعَوَّامِ، وَإِلَى ابْنِهِ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيرِ، وَإِنْهُمَا فِي حِلٍّ وَبِلٍّ فِيمَا وَلِيَا وَقَضَيَا فِي تِرْكَتِي، وَإِنَّهُ لَا تُزَوَّجُ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِي إِلَّا بِإِذْنِهِمَا، وَلَا تُحْضَنُ فِي ذَلِكَ زَينَبُ). رواه البيهقي في السنن الكبرى: الأثر (١٢٩٢٨).
(٢٨٧) آل عمران / ١١٨: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَاعَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ =

<<  <  ج: ص:  >  >>