الإعلامُ سبيلُهُ الائتِمَانُ، وقيل: الإشْهَادُ. وَاعلَم: أنَّ محِلَّ الخلافِ الذي ذكرَهُ المصنِّفُ فيما إذا فَعَلَ ذلكَ مع عدَمِ القُدرةِ على الدَّفْنِ بمسكَنِ الحاكِمِ كما سبقَ في التسلِيمِ؛ لا مُطلقًا، لأنَّ الدَّفنَ فيما سكنَهُ مع إعلامِهِ بهِ ومرافقَتِهِ عليه تسليمٌ لهُ إذ لا يُشترطُ في التسلِيمِ والتَّسَلُّمِ الأخذُ باليدِ إجماعًا.
وَلَوْ سافر بِهَا ضَمِنَ، لأنَّ حِرْزَ السَّفَرِ دُونَ حِرْزِ الحَضَرِ، ثم هذا إذا أودَعَ حاضِراً، فإن أودَعَ مُسافراً فسافَرَ بها أو مُنَتَجعاً فَانتجعَ بها فلا ضَمَانَ، كما جزَمَ به في الروضة تبعًا للرافعيّ، لأنَّ المالِكَ رَضِيَ حينَ أودعَهُ، إِلَّا إِذَا وَقعَ حَرِيْق أَوْ غَارَةٌ وَعَجَزَ عَن مَن يَدفَعُهَا اِلَيهِ كَمَا سبَقَ، أىْ فإنهُ لا يضمَنُ لقيامِ العُذرِ بهِ، بل يلزمُهُ السفرُ بها في هذه الحالةِ وإلا فهو مُضيِّعٌ، وَالحَرِيقُ وَالْغارَةُ فِي البقعة وإشراف الحِرزِ عَلَى الخَرَابِ؛ أيْ ولم يَجِد حِرزاً آخرَ ينقُلُها إليهِ، أَعْذَارٌ كاَلسَّفَرِ، أىْ في جَوَازِ الإيداع لظهُورِ العُذرِ.
وَإذَا مَرِضَ مَرَضاً مُخَوِّفاً فَليَرُدَّهَا إلَى المَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ، وَإِلَّا فالَحَاكِمِ أَوْ إلَى أَمِيْن أَوْ يُوْصِي بِهَا، أي إلى أمين كما إذا أرادَ السفرَ. والمرادُ بالوصيَّةِ الإعلامُ والأمرُ بردِّها بعد موتهِ، هذا هو المعتمَدُ كما قال الرافعيُّ. وكلامُ الأئمَّةِ يقتضي أنَّ المرادَ أن يسلِّمَها إليهِ وليس كذلكَ، فَإن لَمْ يَفْعَل ضَمِنَ، لأنهُ عرَّضَها للفواتِ، إذ الوارثُ يعتمدُ ظاهرَ اليدِ ويَدَّعِيْها لنفسِهِ، وقصد ابنُ الرفعةِ ذلك بما إذا لم تكُنْ بالوديعَةِ بَيِّنَة باقيةٌ، لأنها كالوصيَّةِ، إِلَّا إِذَا لَم يَتَمَكَّن بِأن مَاتَ فُجأة، أىْ وكذا إذا قُتِلَ غَيلَة لانتفاءِ التقصيرِ، وما أحسَنَ قولَ أبي سَهل الصُّلُوكِيِّ وقدْ سُئلَ عن ذلكَ يعني الضَّمَانَ: لاَ إنْ ماتَ عَرَضاً، نَعَمْ إنْ ماتَ مَرَضاً. ومرادُهُ ما ذكرَهُ المصنِّفُ.
فَرْعٌ: الْمَحبوسُ لِقَتْل (•) كمَنْ مَرِضَ مُخَوِّفاً، فيما ذكرنَاهُ؛ قال الإمامُ: ولا يلتحِقُ به الانتهاءُ إلى الهَرَمِ مِن غيرِ مرضٍ.