للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيحتمَلُ أن يكونَ المرادَ بهِ أيضاً، وَلَوْ أَعطَاهُ دَرَاهِمَ بِالسُّوقِ وَلَم يُبَيِّن كَيفِيةَ الحِفْظِ فَرَبَطَهَا فِي كُمِّهِ وَأمسَكَهَا بِيَدِهِ أَوْ جَعَلَهَا فِي جَيبِهِ لَم يَضمَنْ، لأنَّهُ قد بالَغَ في الحفظِ. وشرطُ الجَيْبِ أنْ يكونَ ضيقاً أو واسِعاً مَزْرُوْراً، فإنْ كانَ واسِعاً غيرَ مَزْرُورٍ؛ فإنه يضمنُ لسهولَةِ التناوُلِ باليَدِ، وِإن أمسَكَها بِيَدِهِ، يعني ولم يربطْهَا، لَم يَضمَن إِن أَخَذهَا غَاصِبٌ، وَيضمَنُ إِن تلفَت بِغفْلَةِ أَوْ نَوْمِ، لأنَّه حصلَ بسببٍ من جهتَهِ بخلافِ الأولِ، وَإن قَالَ: احفَظْهَا فِي الْبَيتِ فَلْيَمضِ إِلَيهِ ويحرِزْهَا فِيهِ، فَإن أخرَ بِلاَ عُذْرِ ضَمِنَ، لتفريطِهِ ولا يبعُدُ الرجوعُ في ذلك إلى العُرفِ ويختلفُ ذلكَ باختلافِ نَفَاسَةِ الودِيْعَةِ وَقِلتِهَا وطُولِ زَمَانِ التأخِيْرِ وَقِصَرِهِ.

وَمِنْهَا: أَن يُضَيِّعَهَا بِأن يَضَعَهَا في غيرِ حِرزِ مِثْلِهَا، أيْ وإنْ قصَدَ بهِ إخْفَاءَهَا، أَوْ يَدُل عَلَيْهَا سَارِقاً أَوْ مَنْ يُصَادِرُ المَالِكَ، لأنَّهُ مأمور بحفظِهَا في حِرزِ مِثلِهَا، وَالتحَرُّزُ عن أسبابِ تلفِهَا، فلو أُخبِرَ بالوديعةِ ولم يعيِّنْ مكانَهَا أو كان الدَّالُّ غيرَهُ فلا ضمانَ، وعنهُ احترَزَ بقولهِ (أوْ يَدُل عَلَيْهَا). ولو أَعلَمَ مَنْ يُصَادِرُ المالِكَ غير المودَع فلا ضمانَ عليه، لأنَّهُ لم يَلتزِمْ بالحفظِ.

فَرْعٌ: دَلَّ عليها سَارِقاً فضاعَتْ بغيرِهَا، قال في الذخَائِرِ، قال أصحابُنا: الدَّلاَلَةُ كَنِيةِ الخِيَانَةِ؛ وفيهِ وجهانِ، قال: والأظهرُ هنا الضمَانُ؛ وهو ظاهرُ إطلاقِ المصنِّف أيضاً.

فرع: ضيَّع بِالنسيانِ، ضَمِنَ في الأصحِّ.

فَلَو أَكرَهَهُ ظَالِم حَتَّى سَلمَهَا إِلَيهِ فَلِلمَالِكِ تَضمِينُهُ فِي الأصَحِّ، لتسليمِهِ، والضمانُ يستوى فيهِ الاختيارُ والاضطرارُ، ثم يَرْجِعُ، أي المودِّعُ، عَلَى الظالِمِ، لأنَّهُ ليس لهُ أن يَقِي نفسَهُ بمالِ غيره، كما لو أَلقى في البحرِ مالَ غيرِهِ، والثاني: المنعُ، لأنَّهُ مضطر كما لو أخذَها الغاصِبُ بنفسِهِ، ولا يلزمُهُ أن يَقِىَ مالَ غيره بنفسِهِ كما لو صَالَ عليهِ فَحْل فَفَتَلَهُ، واحترزَ بقولِهِ (سَلمَهَا إِلَيهِ) عمَّا لو أخذَها منهُ قَهْراً، فإنهُ لا ضمانَ عليهِ قطعاً كما لو سُرِقَتْ منهُ، نَعَمْ: لو لم يسلمْها، لكنْ دَل عليهَا فأخذَها

<<  <  ج: ص:  >  >>