وَقَدِ انْهَزَمَ الْكُفَّارُ فَلاَ سَلَبَ، لأنه في مقابله ارتكابُ الخطرِ والتغريرِ بالنَّفْسِ في القتل وهو منتفٍ هُنا، وقوله (مِنَ الصَّفِّ) عبارةُ الْمُحَرَّرِ: من وراءِ الصَّفِّ، وكتبها المصنَّفُ بخطهِ ثم ضربَ على لفظةِ وراءَ لأن مسألة الْمُحَرَّرِ تُؤخذ من الكتاب من باب أَولى، وَكِفَايَةُ شَرِّهِ أَنْ يُزِيْلَ امْتِنَاعَهُ بِأَن يَفْقَأَ عَيْنَيْهِ أَوْ يَقْطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، أيْ لا قطعَ يدٍ أو رِجلٍ، وعبارة الْمُحَرَّرِ: أَنْ يقتلَهُ أو يُزيلَ امتناعَهُ، وكان المصنِّفُ كتبَ بخطه كما في الْمُحَرَّرِ ثم ضربَ على قولِهِ أَنْ يَقْتُلَهُ، لأنه يؤخذُ من باب أَولى، وَكَذَا لَوْ أَسَرَهُ أَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ فِي الأَظْهَرِ، أما فى الأسر فلأنَّهُ أبلغُ من القتل، وأما في القطع فكما لو فَقَأَ عينيه، والثاني: لا، أما في الأسر فلأَنَّ شرَّهُ كلهُ لا يندفعُ به، وأما في الباقى فلأنَّهُ قد يقاتلُ راكباً بعد قطع الرجلين بيديه، وبعد قطع اليدين قد يهربُ ويجمعُ القوم. والخلافُ جارٍ أيضاً فيما لو قطعَ يداً ورجلاً، وصحَّحَ الإِمامُ طريقة في المسألة قد لا يجوزُ غيرها، وهو تنزيلُ النَّصَّيْنِ على حالين، فحيث قال لَهُ أراد به إذا أَزْمَنَهُ بحيث لم يبقَ فيه قتالٌ. وحيث قال: ليسَ لَهُ أرادَ به إذا لم يسقطْ قتالُهُ بذلك، لأنَّ الإِزْمَانَ يختلفُ باختلاف الأشخاص وكذا قاله الماورديُّ.
فَرْعٌ: إذا قتله بعد أسره لا يستحق سلبه، لأنه منهيٌّ عن قتله، وإلا استحق فى الأصح قاله الرافعيُّ، وقال الماورديُّ: إن كانت الحربُ قائمةً فله سلبه، وإلا فوجهان، وفي جواز انفراده بقتله نظر لصاحب المطلب فإن الْخِيَرَةَ للإمام.
فَرْعٌ: لو كان الكافر المقتول امرأةً أو صبياً، فإن لم يُقاتل لم يستحق سلبه، لأنه منهيٌّ عن قتله وإلا استحقَّ في الأصح، والعبدُ كالصبيِّ.
وَلاَ يُخَمَّسُ السَّلَبُ عَلَى الْمَشْهُورِ، لأنه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ [قَضَى بِهِ لِلْقَاتِلِ وَلَمْ يُخَمِّسْهُ] رواه أبو داود وصححه ابن حبان وفي صحيح مسلم معناه (٣٠٧).
(٣٠٧) رواه أبو داود في السنن: كتاب الجهاد: باب في السلب يخمس: الحديث (٢٧٢١) عن عوف بن مالك الأشجعي وخالد بن الوليد: [أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَضَى بِالسَّلْبِ =