للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحدُهما: نَعَمْ للتأسِّي، وثانيهما: لا، للاستغناءِ عن التآلُفِ، وحكايةُ قولين مِنْ أيْنَ يُعطونَ، أحدُهما: من سهم المصالح؛ لأنه من مصالح المسلمين، وثانيهما: من الزَّكاة، وعليه تُحمل الآيةُ، وجمعَ في الرَّوضة الخلافَ، وحكى في المسألة ثلاثة أقوالٍ: أحدها: لا يُعطون، والثاني: يُعطون من سهم المصالح، والثالث: من سهم الزَّكَاة، ولم يحكيا طريقةً في ذلك، وعبارةُ الْمُحَرر: الأظهرُ ولا إصطلاح له في ذلك، وعبارةُ الشرح الصغير: الأقربُ، نَعَمْ: جزَمَ المتوليُّ بإعطاءِ الثاني، وحكى الخلافَ في الأول، واحترز المصنف بذكر مولَّفةِ المسلمين عن مؤلفة الكفار، فإنهم لا يُعطون من الزَّكَاة قطعًا، ولا من غيرها على الأظهر، وقال ابنُ داود: إن نزلتْ بالمسلمين نازلةٌ لا نَزَلَتْ أُعطوا قطعًا على ما قالهُ صاحبُ التقريب، واعلم أنَّه بقيَ من مؤلَّفة المسلمين صنفٌ يرادُ بِتَأَلَّفِهِمْ جهادٌ من يليهم من الكفار؛ أو من مانعي الزَّكاة، ويقبضوا زكاتهم فهؤلاء لا يُعطون قطعًا، والأصحُّ في التصْحِيح؛ والأشبهُ في الشَّرح الصغير أنَّهم يُعطون من سهم المؤلَّفة للآية. قال الإمامُ: وتسمية هؤلاء مؤلفةٌ فيه تجوُّزٌ واستعارَةٌ، فإن قلوبهم قَارَّةٌ (•) مطمئنةٌ إلى الإيمان، وليس بذلُ المال إليهم في مقابلةِ استمالَةِ قلوبهم إليه، وإنما هو لمصلحةٍ من مصالح الإسلامِ والمسلمينَ.

وَالرِّقَابُ: الْمُكَاتَبُون، أي كتابةً صحيحةً لا شراءَ عبيدٍ يعتقون كما قال مالكُ وأحمدُ؛ لأن قوله: {وَفِي الرِّقَابِ} كقوله: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} وهناك يدفعُ المال إلى المجاهدينَ، فَلْيُدْفَعْ هنا إلى الرِّقاب وهُم المكاتَبُونَ إذ غرهم من الأَرِقَّاءِ لا يملكونَ.

وَالْغَارِمُ: إِنِ اسْتَدَان لنَفسِهِ في غَيرِ مَعْصِيَةٍ، أيْ كَنَفَقَةِ نفسِهِ وعيالِهِ أو لِحَجٍّ أو جهادٍ، أُعْطِيَ، للآية (٣١٧)، فإن كان في معصيةٍ كَالزِّنَا لم يُعْطَ قبلَ التْوبةِ على


(•) قَارَّةٌ: بمعنى جازمة على الإيمان من جهة تعظيم شعائر الإِسلام ومنها قوله تعالى: {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} [نوح / ١٣] وهؤلاء يرجون لله وقارًا بالتعظيم والترزين. اقتضى التنويه لأنه في النسخة (١): فَارَّةٌ، بدل قَارَّةٌ.
(٣١٧) التوبة / ٦٠: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ =

<<  <  ج: ص:  >  >>