فَإِذَا سَلَّمَت أَعْطَاهَا الْعَدْلُ المَهْرَ، لأنَّ كلَّ واحدٍ منهُما قد استحقَّ التسليمَ فأُجْبِرَ كلُّ واحدٍ على إيفاءِ صاحبِهِ حَقَّهُ، قال الإِمامُ: ولو سلَّمَتْ نفسَها فلم يَأْتِهَا فالذِى أراهُ أنَّ على العَدْلِ تسليمُ الصداقِ إليهَا، فلو سَلَّمَ إليها فَهَمَّ بالوطءِ فامتنعَتْ فالوجهُ استردادُ الصداقِ منها، ولا يَجِيْءُ القولُ الرابعُ في البيعِ هُنا وهو إجبارُ الزوجةِ؛ فإنَّ مقتضَى كلامِ الفورانيِّ مَجِيْؤُهُ، ومحلُّ القولِ الأوَّل ما إذا كانَتْ متهيِّئَةً للاستمتاع.
وَلَوْ بَادَرَت فَمَكَّنَتْ طَالَبَتهُ، إذ بَذَلَت ما في وسعِها، فَإِنْ لَمْ يَطَأَ امْتَنَعَتْ حَتَّى يُسَلَّمَ، أيْ ويكونُ الحكمُ كما قبلَ التمكينِ، وَإِنْ وَطَئَ، أي طائعَةً، فَلاَ، كما لو تبرَّعَ البائعُ فسَلَّمَ المبيعَ قبلَ قبضِ الثمنِ فليس لهُ أخذُهُ وحبسُهُ، فإنْ كانَتْ مكرهَةً فلها الامتناعُ على الأصحِّ.
وَلَوْ بَادَرَ فَسَلَّمَ فَلْتُمَكَّنْ، إذْ بَذَلَ ما في وسعِه، فَإِنِ امْتَنَعَتْ بِلاَ عُذْرِ اسْتَرَدَّ إِنْ قُلْنَا إِنَّهُ يُجْبَرُ، أي أوَّلاً؛ لأنَّ الإجبارَ شرطُهُ التمكينُ، فإنْ قُلنَا: لا يجبِرُ فليسَ لهُ الاستردادُ على الأصحِّ؛ لأنه تبرَّعَ بالمبادرَةِ كتعجيلِ الدَّيْنِ المؤجَّلِ.
وَلَوِ اسْتَمْهَلَتْ لَتَنَظُّفٍ وَنَحْوِهِ، أى كاستحدادٍ وإزالةِ وَسَخٍ، أُمْهِلَتْ مَا يَرَاهُ قَاضٍ، أيْ من يومٍ ويومينِ، وَلاَ تُجَاوِزُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، لأنها أكثرُ القليلِ وأقَلُّ الكثيرِ ولها في الشرع اعتبارٌ، وهذا الإمهالُ واجبٌ على الأصحِّ، لاَ لِينْقطِعَ حَيْضٌ، بل يسلم كسائرِ الاستمتاعاتِ كَالرَّتْقَاءِ وَالْقَرْنَاءِ، نَعَمْ لو لم تأْمَنْ على نفسِها فلها الامتناعُ.
وَلاَ تُسَلَّمُ صَغِيرَةٌ وَلاَ مَرِيضَةٌ حَتَّى يَزُولَ مَانِعُ وَطْءٍ، لحصولِ الضَّرَرِ ويُكرَهُ للوليِّ تسليمُ هذه الصغيرةِ؛ ولا يجوزُ للزوج وطؤُها إلى أنْ تصير محتمِلَةً.
فَرْعٌ: لو قال الزوجُ: سَلِّمُوهَا إِلَيَّ ولا أغْشَاهَا ففي التهذيبِ: أنهُ يجابُ إليه في المريضَةِ دونَ الصغيرةِ، فإنَّ الأقارِبَ أَوْلى بالحضانةِ، وفي الوسيط: المنعُ فيهِما؛ لأنهُ ربما وَطِئَ فيتضَرُّرَانِ، وهذا مما يوافقُ إطلاقَ الكتابِ.