للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالإتلافِ، وقدْ تعدَّدَ، وهذا إذا كان عالِمًا ووجبَ المهرُ لكونِها مُكْرَهَةً، فإنْ كانَ جاهلًا لم يجِبْ إلاّ مهر، لأنَّ الجهلَ شُبهَةٌ واحدة مُطردَة، فأشبهَ الوطءَ في نكاحٍ فاسدٍ مِرَارًا فإن وطِئَها مرَّةً عالمًا ومرَّةً جاهلًا وجَبَ مَهْرَانِ.

فَرْعٌ: لو كانت حربيَّةً فوطِئَت بشبهةٍ أو إكراهٍ فلا مَهْرَ؛ لأنَّ مَالَهَا غيرُ مضمونٍ فكذا منفعةُ بُضعها.

وَلَو تَكَرَّرَ وَطءُ الأبِ، أي جاريةَ الابنِ، وَالشَّرِيكِ وَسيِّدٍ مُكَاَتبَةً فَمَهْرٌ، لشمولِ الشبهةِ، وَقِيْلَ: مُهُورٌ، لتعدُّدِ الإتلافِ في مِلْك الغَيْرِ مع العلمِ بحقيقةِ الحالِ، وَقِيلَ: إِنِ اتَّحَدَ المَجْلِسُ فَمَهْرٌ، وَإِلاَّ فَمُهُورٌ، وَالله أَعْلَمُ، قالهُ البغويُّ وخصَّصَ الوجهينِ بالأوْلى.

فَصلٌ: الفُرْقَةُ قَبْلَ وَطْءٍ مِنْهَا، أى كفسخِها النكاحَ بعيبِهِ أو عتقِها، أَوْ بِسَبَبِهَا كَفَسْخِهِ بِعَيْبِهَا تُسقِطُ المَهْرَ، لأنها إنْ كانَتْ هىَ الفاسِخَةُ فهي المختارةُ للفُرقَةِ، وإن كانَ هو الفاسِخُ بعَيْبِها فكأَنَّها هي الفاسِخَةُ، وَما لاَ، أي وما لا يكونُ منها ولا بِسَبَبِهَا، كَطَلاَق؛ وَإسْلاَمِهِ؛ وَرِدَّتِهِ؛ وَلعَانِهِ؛ وَإِرْضَاع أُمِّهِ؛ أَوْ أُمِّهَا يُشَطِّرُهُ، أما في الطَّلاقِ فللآيةِ (٤٨٩)، وأمَّا فِى الباقي فبالقياسِ عليهِ، ثُمَّ قِيْلَ: مَعنى التَّشطِيرِ أنَّ لَهُ خِيَارَ الرُّجُوع، أي في النصفِ وإنْ شاءَ تَمَلَّكَهُ وإن شاءَ تركَهُ كَالشُّفْعَةِ، وَالصَّحِيْحُ عَوْدُهُ، أى للنصفِ، بِنَفسِ الطَّلاَقِ، للآيةِ المتقدِّمَةِ، وقيل: لا يعودُ إلاّ بقضاءِ القاضى؛ وهو بعيدٌ، فَلَوْ زَادَ بَعْدَهُ، أي بعدَ الطلاقِ، فَلَهُ، أى نصفُ الزيادةِ لأنها حدثَتْ في مِلْكِهِ، فإنْ قلنا بالأوَّلِ فالجميعُ للزوجَةِ إنْ حدثَتْ قبلَ اختيارِ التْمَلُّكِ كالحادثِ قبل الطلاقِ، وسواءٌ في ذلك الزيادةُ المُتصِلَةُ والمنفصلَةُ على الأصحِّ.

وَإنْ طَلقَ وَالمَهْرُ تالفٌ فَنِصفُ بَدَلِهِ مِن مِثلٍ، أيْ إن كانَ مِثلِيًا، أَو قيْمَةٍ، أيْ


(٤٨٩) البقرة / ٢٣٧: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>