للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خروجِها، ودعَى العجوزَ؛ فإنهُ يلزَمُها الإجابةُ؛ فإن أَبتْ بَطَلَ حقُّهَا.

وَيَحْرُمُ أَنْ يُقِيْمَ بِمَسْكَنِ وَاحِدَةٍ وَيَدْعُوهُنَّ إِلَيْهِ، لأنَّ إتيانَ بيتِ الضُّرَّةِ شاقٌّ عليهِنَّ ولا تجبُ مُسَاكَنَتُهَا، فلو وقعَتِ الإجابةُ فلصاحبَةِ البيتِ الامتناعُ من ذلكَ، وإنْ كانَ مِلْكَ الزوجِ؛ لأنَّ حقَّ السَّكَنِ فيهِ لها قاله ابن داود، وَأَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ ضُرَّتَيْنِ فِي مَسْكَنٍ وَاحِدٍ، أي إنْ لم تنفصِلْ مرافقُهُ؛ لأنهُ يُشَوِّشُ العِشْرَةَ بالمعروفِ، قال الرويانيُّ: والجمعُ بين الْحُرَّةِ وَالسُّرِّيَّةِ في مسكنٍ واحدٍ كالْحُرَّتَيْنِ، واحتَجَّ بقصة مَارِيَّةَ (٤) فإنِ انفصلَتِ المرافقُ وَلاَقَ بالحالِ؛ فيجوزُ؛ لأنهُ كَالْمَسْكَنَيْنِ، إِلاَّ بِرِضَاهُمَا، لأنَّ الحقَّ لهما ولا يعدُوهُما، نَعَمْ يكرَهُ أنْ يطأَ إحداهُما بحضرةِ الأُخرى.

فَصْلٌ: وَلَهُ أَنْ يُرَتِّبَ الْقَسْم عَلَى لَيْلَةٍ وَيوْمٍ قَبْلَهَا، أي قبلَ الليلة، أَوْ بَعْدَهَا، والثاني: هو الذى عليه التواريخُ الشرعيةُ فإنَّ أوَّلَ الأشهُرِ اللَّيَالِي، قال الماورديُّ: الأَوْلى الاتفاقُ عليهِ، قال في المطلبِ: لكنَّ الخبرَ يدُلُّ على خلافهِ؛ والعُرْفُ في الْقَسْمِ عليهِ، والظاهرُ أنهُ لا يجبُ الدخولُ عند صاحبَةِ النَّوْبَةِ من الغروبِ والمرجِعُ فيه إلى العُرْفِ الغالِبِ كما نَبَّهَ عليه صاحبُ الْمَطْلَبِ، وَالأَصْلُ اللَّيْلُ، لأنَّ الله جعلَهُ سَكَنًا، كما جعلَ الزوجَ سَكَناً فمعنَى السَّكَنِ يَجْمَعُهُمَا، وَالنَّهَارُ تَبَعٌ، لأنهُ وقتُ التردُّدِ والانتشارِ، فَإِنْ عَمِلَ لَيْلاً وَسَكَنَ نَهَاراً كَحَارِسٍ، أيْ وأَتُونى (٥) بتشديد التاء المثناة فوق، قال الجوهري: والعامَّةُ تُخَفِّفُهَا، فَعَكْسُهُ، أي فيكونُ النهارُ في حقِّهِ أصلٌ والليلُ تابِعٌ؛ لأنَّ نهارَهُ كَلَيْلِ غيرهِ.


(٤) عن عائشة رضى الله عنها؛ قالت: (مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأةٍ إِلاَّ دُوْنَ مَا غِرْتُ عَلَى مَارِيَّةَ؛ وَذَلِكَ أَنَّهَا كَانَتْ جَمِيْلَةً مِنَ النِّسَاءِ جَعْدَةً؛ وَأُعْجِبَ بِهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ أَنْزَلَهَا أَوَّلَ مَا قَدِمَ بِهَا فِي بَيْتِ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ؛ فَكَانَتْ جَارَتَنَا، فَكَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَامَّةَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ عِنْدَهَا حَتَّى فَرَغْنَا لَهَا، فَجَزِعَتْ؛ فَحَوَّلَهَا إِلَى الْعَالِيَةِ، فَكَانَ يَخْتَلِفُ إِلَيْهَا هُنَاكَ، فَكَانَ ذَلِكَ أشَدَّ عَليْنَا، ثُمَّ رُزِقَ مِنْهَا الوَلَدَ وَحُرِمْنَا مِنْهُ). ينظر: طبقات ابن سعد: ذكر مارية: ج ٨ ص ٢١٢.
(٥) وهو الذى يوقد النار في الحمام.

<<  <  ج: ص:  >  >>