للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَسُكنَى وَأثَاثًا لَابُدَّ مِنْهُ لَزِمَهُ العِتْقُ، لقوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا. . . فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ} الآية (٧٥)، قال في الروضة: والصواب تقدر النفقة والكسوة بِسَنةٍ لا بكفاية العمر، وَلَا يَجِبُ بَيْعُ ضَيْعَةٍ وَرأسِ مَالٍ لَا يَفضلُ دَخْلُهُمَا عَنْ كِفَايَتهِ، لأن المصير إلى حالة المسكنة شديد، وَلَا مَسكَنٍ وَعَبدٍ نَفِيسَينِ ألِفَهما في الأصَح، لعسر مفارقة المألوف، والثاني: يلزمه البيع والإعتاق كما لو كان له ثوب نفيس يجد بثمنه ثوبًا يليق به وعبدًا يعتقه، وبه قطع العراقيون أو جمهورهم في العبد النفيس كما نقله عنهم في الروضة، ونقله صاحب الشامل عن الأصحاب، وصححه المتولي، أما إذا لم يكونا مألوفين فيلزمه البيع والإعتاق، وَلَا شِرَاءَ بِغَبْنٍ، كالماء في التيمم، وَأَظهرُ الأقْوَالِ اعتِبَارُ وَقْتِ اليَسَارِ بِوَقتِ الأدَاءِ، أي حتى لو كان معسرًا عند الوجوب، وموسرًا عند الأداء، يلزمه الإعتاق، لأنها عبادة لها بدل من غير جنسها فأشبهت الوضوء والتيمم والقيام والقعود في الصلاة، والثاني: الاعتبار بوقت الوجوب؛ لأن الكفارة طهرة كالحد، والثالث: وهو مخرج أنه يعتبر أغلظ الحالين، لأنه حق يجب في الذمة بوجود المال، فأشبه الحج فإنه يجب متى ما تحقق اليسار.

فَصل: فَإن عَجَزَ عَن عِتقٍ صَامَ شهرَينِ متتابِعَيْنِ، للآية السالفة، بِالهلَالِ، لأنه الأشهرُ شرعًا، بِنِيَّةِ كَفْارة، كما تقدم، وتجب ليلًا كل ليلة. وَلَا يشتَرَطُ نيةُ تتَابُع فِي الأصَح، اكتفاء بالتتابع فعلًا، والثاني: نعم للتمييز، فَإِن بَدَأَ فِي أثْنَاءِ شهرٍ حُسِبَ الشهرُ بَعدَهُ بالهِلَالِ وَأَتَم الأولَ مِنَ الثْالِثِ ثَلاثِينَ، لتعذر الرجوع فيه إلى الهلال، وَيَزُولُ التتَابُعُ بِفَوَاتِ يَوْمِ بِلَا عذرٍ، أي كما إذا أفسد صومه أو نسي


(٧٥) المجادلة / ٤: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٣) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٤)}.

<<  <  ج: ص:  >  >>