بخلاف الأجنبي، والطريق الثاني: حكاية قولين أحدهما: أنه صريح فيهما، لأنه السابق إلى الفهم، وأقيسهما أنه كناية؛ لأنه يحتمل غير القذف، وأما الأخيرة: وهي ما إذا قال للولد المنفي باللِّعَان: لست ابن فلان الملاعن، فوجه عدم صراحته قيام الاحتمال، فيسأل فإن قال: أردت تصديق الملاعن في أن أمه زانية فهو قاذف، وإن أراد أن الملاعن نفاه، أو أنه منفي شرعًا، أو لا يشبهه خَلْقا ولا خُلُقًا، صدق بيمينه فإذا حلف قال القفال وجماعة: يعزر للإيذاء، وإن نكل حلفت الأم أنه أراد قذفها واستحقت الحد عليه.
فَرع: لو استلحقه النافي ثم قال له رجل: لست ابن فلان، فصريح على المذهب، اللهم إلا أن يدعي احتمالًا ممكنًا كقوله: لم يكن ابنه حين نفاه، فإنه يقبل بيمينه كما رجحه في الروضة.
فرع: لو قال للخنثى زنى ذكرك وفرجك فصريح، وإن ذكر أحدهما قال في البيان: الذي يقتضيه المذهب أنه كإضافته إلى اليد، وهذا زاده المصنف هنا في الروضة على الرافعي وهو عجيب، فقد ذكره من كلام الرافعي في باب حد القذف.
فَصلٌ: ويحَد قَاذِفُ مُحصَن، ويعَزرُ غَيرُهُ، للإيذاء، وَالمُحصَنُ مُكلفٌ حر مسلم عَفِيفٌ عَنْ وَطْئ يُحد بِهِ، بالاتفاق، وَتبطُلُ العِفْةُ بوَطء مَحرَمٍ مَملُوكَةٍ علَى المَذهبِ، لدلالته على قلة مبالاته، بل غشيان المحارم أشد من مباشرة الأجنبيات، وقوله (عَلَى الْمَذْهَبِ) أشار به إلى أنا إذا أوجبنا الحد بذلك بطلت عفته، وإن لم نوجبه بطلت أيضًا على الأصح لما قلناه، لَا زَوجَتِهِ فِي عدةِ شبهةٍ وأمَةِ وَلَدِهِ وَمَنْكوحَتِهِ بِلَا وَليٍّ في الأصَح، أما في الأولى: فلعدم تأبد الحرمة، وأما في الباقي: فلأنه وطئ ثبت فيه النسب، والثاني: يبطل لحرمته.
وَلَوْ زَنَى مَقْذُوف سَقَطَ الحد، أَوْ ارتد فَلَا، لأن الزنا يكتم ما أمكن، فإذا ظهر فالظاهر سبق مثله، والردةُ عقيدة؛ والعقائد لا تخفى غالبًا، فإظهارها لا يدل على سبق الإخفاء.