للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شاء، ومحل الخلاف في نفي الولد، أما اللِّعان فله تأخيره.

وَيُعْذَرُ، أي في تأخير اللِّعان، لِعُذْرٍ؛ لأنه لا يعد مقصرًا، وَلَهُ نَفْيُ حَمْلٍ، لقصة هلال ابن أمية، فإنَّه لاعن الحمل قبل وضعه كما رواه البخاري (٩٣)، وانْتِظارُ وَضْعِهِ، ليلاعن على يقين، فإن الْمُتَوَهَّمَ حملًا قد يكون ريحًا فَيَنْفَشَ، نعم: لو قال علمته ولدًا ولكن رجوت أن يموت فأكفى اللِّعان، فإن حقه يبطل على الأصح المنصوص لتفريطه مع علمه.

وَمَنْ أَخَّرَ وَقالَ: جَهِلْتُ الْوِلَادَةَ صُدِّقَ بِيَمِيْنِهِ إِنْ كانَ غَائِبًا، لأنَّ الظاهر ما يدعيه، قال في الشامل: اللهم إلا أن يستفيض وينتشر، وَكَذا الْحاضِرُ في مُدَّةٍ يُمْكِنُ جَهْلُهُ فِيْها، أي دون ما لا يمكن، لأنه خلاف الظاهر إذن.

وَلَوْ قِيْلَ لَهُ: مُتِّعْتَ بِوَلَدِكَ أَوْ جَعَلَهُ اللهُ لَكَ وَلَدًا صالِحًا، فَقالَ: آمِيْن، أَوْ نَعَمْ، تَعَذَّرَ نَفْيُهُ، لأنَّ ذلك يتضمن الإقرار، والإستلحاق من حيث أنَّه أضافه إلى نفسه ورضي به وهو إذا رضي به ولو في لحظة لم يتمكن من نفيه، فَإِنْ قَالَ: جَزاكَ اللهُ خَيْرًا؛ أَوْ بارَكَ عَلَيْكَ؛ فَلَا، لأنَّهُ يحتمل أنَّه قال ذلك ليقابل التحية، ويحتمل أن يكون لرضاه، وصورة المسألة أن يقال ذلك في وقت العُذر أو تهنئة من لا يسقط حقه بإخباره، ويجوز تصويرها في حال توجهه إلى الحاكم.

وَلَهُ اللِّعانُ مَعَ إِمْكانِ بَيِّنَةٍ بِزِناها، لأنَّ كل واحد منهما حجة، وَلَها لِدَفْعِ حَدِّ الزِّنا، أي وللمرأة أن تلاعن في مقابلة لعان الزوج لدفع الحد عن نفسها لقوله تعالى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ. . .} الآية (٩٤).

فَصلٌ: لَهُ اللِّعانُ لِنَفْيِ وَلَدٍ وَإِنْ عَفَتْ عَنِ الْحَدِّ وَزالَ النِّكاحُ، أي بطلاق


(٩٣) عن ابن عمر -رضي الله عنهما-؛ [أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَاعَنَ بَيْنَ رَجُلٍ وامْرَأَتِهِ، فانْتَفَى مِنْ وَلَدِها، فَفَرَّقَ بَيْنَهُما، وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ]. رواه البخاري في الصحيح: كتاب الطلاق: الحديث (٣٥١٥).
(٩٤) النور / ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>