للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما يزوج عتيقتها من يزوجها، وَمُعْتِقُون كَمُعتِق، أي في تحمل الدية عن العتيق، فإن الولاء يثبت لجميعهم لا لكل منهم فيتحمل كل واحد ما يخصه من نصف دينار وإن كانوا أغنياء وإلّا فربعه، وَكُل شَخْصِ مِن عَصَبَةِ كُل معتق يَحْمِل مَا كَان يَحمِلُهُ ذَلِكَ الْمعتِقُ، أي فإذا كان المعتق واحدًا ومات عن أخوة مثلًا؛ ضرب على كل واحد حصته تامة من نصف دينار أو ربعه، ولا يقال: يوزع عليهم ما كان الميت يحمله، لأنَّ الولاء لا يتوزع عليهم توزعه على الشركاء ولا يرثون الولاء من الميت، بل يرثون به. ولو مات واحد من الشركاء المعتقين أو جميعهم؛ حمل كل واحد من عصباته مثل ما كان يحمله الميت؛ وهي حصته من نصف أو ربع، لأنَّ غايته نزوله منزلة ذلك الشريك المعتق، وَلَا يَعقِلُ عتيقٌ فِي الأَظْهَرِ، إذ لا إرث، والثاني: يعقل، لأنَّ العقل للنصرة، والعتيق أولى بنصرة معتقه، وخالف الإرث، فإنَّه في مقابله أنعام المعتق، فَإن فُقِدَ العاقِلُ أوْ لَم يف، عَقَلَ بَيتُ المَالِ عَنِ المسلِمِ، لأنَّه للمسلمين وهم يرثونه، كالعصبات؛ بخلاف الذّمِّيِّ، فإن ماله ينقل إليهم فيئًا لا إرثًا، فَإن فُقِدَ، أي بيت المال، فَكلهُ عَلَى الجَانِي في الأَظْهَرِ، بناء على أنها تلزم الجاني ابتداء ثم تتحملها العاقلة، والثاني: لا، بناء على أنها تجب عليهم ابتداء، وقوله (الأَظْهَرِ) خالف في الروضة تبعًا للرافعي فَعبَّرَ بالأصح.

فَصْلٌ: وَتُؤَجل عَلَى العاقِلَةِ دِيَةُ نَفْس كَامِلَة، أي وهي دية الرجلِ المسلمِ الحُرِّ، ثلاثَ سِنِيْنَ في كُلِّ سَنَة ثُلُثٌ، أما كونها مؤجلة، فلأن العاقلة تحملها على وجه المواساة، فوجب أن يكون وجوبها مؤجلًا قياسًا على الزكاة، وأمَّا كون الأجل ثلاث سنين فهو إجماع كما حكاه الشَّافعي والترمذي (١٩٦)، واختلف الأصحاب في


(١٩٦) • في مختصر المزني؛ من الحاوي الكبير: كتاب الديات: باب مَن العاقلة التي تغرم: ج ١٢ ص ٣٤٣؛ قال الشَّافعي - رضي الله عنه -: (وَلَا اخْتِلَافَ بَينَ أحَد عَلِمتُهُ في أن النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قضَى بِهَا في ثَلَاثِ سنِيْنَ). انتهى.
• والجواب على من اعترض فقال: ما صح عن النَّبيُّ - صَلَّى الله عليه وسلم - في هذا الشيء، فكيف يقال هذا؟ أن سياق كلام الشَّافعي لا يشير إلى الرّواية عن الرسول سيدنا محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، وإنَّما =

<<  <  ج: ص:  >  >>