للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أُخرى كما لو قال لعبده: أعتقتك، وبه جزم فِي أصل الروضة فِي المسألة العاشرة تبعًا للرافعي، وَإِنْ وَكَّلَ بِالذَّبْحِ نَوَى عِنْدَ إِعْطَاءِ الوَكِيْلِ أوْ ذَبْحِهِ، لأنه قائم مقامه وَنِيَّتُهُ عند الإعطاء إلى الوكيل مفرَّعٌ على الأصح فِي تقديم النَّيَّةِ على الذبح، ولا يخفى أن المراد إذا كان الوكيل مسلمًا؛ فإنه إن كان كتابيًا لا يجوز تفويضُ النِّيَّةِ إليه.

فَصْلٌ: وَلَهُ الأَكْلُ مِنَ أُضْحِيَةِ تَطَوُّعٍ، أي بل يُسْتَحَبُّ لقوله تعالى: {فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} (٤٢٠) وقيل: يجب لظاهر هذا الأمر، أما الواجبة فيجوز إن كانت معيَّنة ابتداءً، وإن كانت معينة عن شيء فِي الذمة فلا؛ لأنه يشبه دماء الجبرانات، وَإِطْعَامُ الأَغْنِيَاءِ، كما يطعم الضيف، لَا تَمْلِيْكُهُمْ، أي ليتصرفوا بها بالبيع وغيره؛ لأن الهبة ليست صدقةً؛ والأضحية ينبغي أن تكون مترددة بين التَّطَعُّمِ والإِطعامِ وبين الصدقة؛ فإن الأغنياء ضيفان الله على لحوم الأضاحي، والضيف لا يَهِبُ ولكن يُطعم، قال الإِمام: وهذا هو الذي يظهر لنا؛ وتبعه الغزالي والرافعي والمصنف وفيه نظرٌ. وَيَأْكُلُ ثُلُثًا، ويتصدق بثلثين لقوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} (٤٢١) جعلها على ثلاثة أقسام؛ وفسَّرَ المفسرون القَانِعَ: الَّذِي يَسْأَلُ، وَالْمُعْتَرُّ: هُوَ الَّذِي يَتَعَرَّضُ لَهُ وَيَحُومُ حَوْلَهُ، وَفِي قَوْلٍ: نِصْفًا، أي ويتصدق بالنصف لقوله تعالى: {فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} جعلها قسمين، وهذا هو القديم، وعبارةُ الماوردي فِي حكايته: إنه يأكل ويَدَّخِرُ ويُهدي النصف ويتصدَّق بالنصفِ، ولم يذكر عنه الرافعي الإِدِّخار، وكأنه لم يرَ هذا الموضع منه فإنه نقله بلفظ عن القديم؛ ونقل عن الجديد أيضًا أكل الثلث والتصدق بالثلث وإهداء الثلث إلى المتجملين، كذا حكاه الشيخ أبو حامد؛ ثم قال: ولو تصدق بالثُّلُثَيْنِ كان أحبُّ. وصححه المصنف فِي تصحيحه، وقال الرافعي فِي تَذْنِيْبِهِ: المشهورُ الأول، وقال فِي الشرح: يشبه أن لا يكون فِي الحقيقة اختلاف ولكن من اقتصر على التصدق بالثلثين ذكر ما هو الأحبُّ أن يوسع فعدَّ الهدية من الصدقة، ولكن عن الماوردي فِي الحكاية


(٤٢٠) الحج / ٢٨.
(٤٢١) الحج / ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>