يأذن في السبب وعليه فيه ضرر؛ فكان له منعه وإخراجه منه كالحج، وَإِنْ أَذِنَ فِي أحَدِهِمَا، فالأَصَحُّ: اعْتِبَارُ الْحَلِفِ، أي فيُنظر إن كان بإذنه أو دونه، وكلام المصنف يشمل ما إذا أذن في اليمين دون الحنث وعكسه، أما الأُولى: وهي ما إذا حلف بالإذن وحنث بغيره، وفيه وجهان كما ذكره في الكتاب؛ أحدهما: أن له أن يصوم بغير إذنه؛ لأن إذنه في الحلف إذن فيما يترتب عليه، والثاني: المنعُ؛ لأن اليمين مانعة من الْحِنْثِ؛ فليس إذنهُ فيها إذنًا في التزام الكفَّارة، وهذا ما صححه الرافعي في شرحيه ونقله عن الأكثرين، وتبعه في الروضة، لكن في المحرر صحح الأول فتبعه المصنف هنا، وأما الثانية: وهي ما إذا حلف بغير إذنه وحَنِثَ بإذنه؛ وفيه وجهان أيضًا؛ أحدهما: أنه لا يصوم إلا بإذنه؛ لأن الحلف هو السبب الأول؛ ولم يأذن السيد فيه وإنما العبد وَرَّطَ نفسه فيه، وهذا ما صححهُ في الكتاب تبعًا لِلْمُحَرَّرِ، والثاني: له أن يصوم بغير إذن السيد؛ لأن الحنث يستعقب الكفارة، فالإذنُ فيه يكفي إذنًا في التكفير، وصحح في الروضة تبعًا للرافعي، ولعل ما في الكتاب تبعًا لِلمُحَرَّر سَبْقُ قَلَمٍ من الْحِنْثِ إِلَى الْحَلْفِ، وهذه المسألة هي نظير رجوع الضامن في الأقسام الأربعة كما سلف في بابه، واحترز المصنف أوَّلًا بقوله (فَإِنْ ضَرَّهُ) عما إذا لم يضرُّهُ الصوم كالشتاء ونحوه؛ فإنه ليس له المنع والحالة هذه على الأصح؛ لأنه لا يتضررُ به، ومَنْ بَعضُهُ حُرٌّ وَلَهُ مَالٌ يُكَفَّرُ بِطَعَامٍ أَوْ كِسوَةٍ، أي ولا يصوم لقدرته على ما يُقدم على الصوم، لَا عِتْقٍ، لنقصه؛ لأنه ليس أهلًا للولاء.
فَصْلٌ: حَلَفَ لاَ يَسْكُنُهَا أَوْ لاَ يُقِيمُ فِيْهَا! فَليَخْرُجْ فِي الْحَالِ، فَإِنْ مَكَثَ بِلاَ عُذْرٍ حَنَثَ، وَإِنْ بَعَثَ مَتَاعَهُ، لأن اسم السُّكْنَى يقعُ على الابتداء وعلى الاستدامة، ألاَ تَرَى أنك تقولُ: سكنتُ الدار شهرًا، وسواء أخرج أهله وأثاثه وبقي وحده كما ذكره المصنف أمْ لا؟ لأنه حلف على سكنى نفسه لا أهله ومتاعه، أما إذا مَكَثَ لعذرٍ؛ بأن أُغلق الباب أو منع من الخروج ونحوهما؛ فإنه لا يَحْنَثُ، ثم أن المصنف أطلقَ الخروج ولم يُقَيَّدْهُ، وَقَيَّدَهُ ابنُ الصباغ وصاحبُ التَّنْبِيهِ وابنُ الصلاح وغيرهم بما إذا خرج بِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ؛ وذلك يُشعر بأنه إذا خرج لا بِنِيَّتِهِ وتركَ قماشَهُ يَحْنَثُ