للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من قبله؛ لأنه التزم المشي في الحج وابتدأ الحج من وقت الإحرام، وَإِنْ قَالَ: أَمْشِي إِلَى بَيْتِ اللهِ تَعَالَى فَمِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ فِي الأَصَحِّ، لأن قضية قوله أن يخرج إليه من بيته ماشيًا، والثاني: من الميقات؛ لأن المقصود من الإتيان الحجَّ أو العمرة فيمشي من حيث يحرم، وَإِذَا أوْجَبْنَا الْمَشْيَ فرَكِبَ لِعُذْرٍ أجْزَأهُ، أي حجِّهِ راكبًا عن حَجَّة النذر لمكان العذر، وَعَلَيْهِ دَمٌ فِي الأظْهَرِ، لما روى أبو داود بإسناد على شرط البخاري (•) عن ابن عباس [أَنَّ أُخْتَ عُقبَةَ نَذَرَتْ أَن تَمْشِيَ إِلَى الْبَيْتِ فَأمَرَهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تَرْكَبَ وَتُهْدِي هَدْيًا] (٤٩٦)، والثاني: لا دم عليه؛ كما لو نذر الصلاة قائمًا فصلى قاعدًا للعجز، وفَرَّقَ الأول: بأن الصلاة لا تجبر بالمال بخلاف الحج، واحترز بقوله أولًا: (إِذَا أوْجَبْنَا الْمَشْيَ) عما إذا لم نوجبه؛ فإنه لا يجبر تركه بدم.

فَرْعٌ: الدمُ شاةٌ على الأظهر.

أَوْ بِلاَ عُذْرٍ أَجزَأَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، لإتيانه بأصل الحج ولم يبقَ إلا هيئته فصار كترك الإحرام من الميقات، والثاني: لا؛ لأنه لم يأت بما التزم، وَعَلَيهِ دَمٌ، لأنه ترفّه بترك صفةٍ، وَمَنْ نَذَرَ حَجًّا أو عُمْرَةً لَزِمَهُ فِعْلُهُ بِنَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ مَعْضُوبًا اسْتَنَابَ، كما في حجة الإسلام.

وَيُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُهُ فِي أَوَّلِ الإِمْكَانِ، لئلَّا يعرضه للنسيان وحوادث الزمان ومبادرة لبراءة الذمة، فَإنْ تَمَكَّنَ فَأَخَّرَ فَمَاتَ حُجَّ مِن مَالِهِ، كَحَجَّةِ الإسلامِ، وَإِنْ نَذَرَ الحَج عَامَهُ وَأَمْكَنَهُ لَزِمَهُ، تفريعًا على الصحيح وهو لزوم التعيين كالصوم، فَإِنْ مَنَعَهُ مَرَضٌ وَجَبَ الْقَضَاءُ، أي إن منعه بعد الإحرام، فإن منعه قبله فلا؛ قاله


(•) النسخة (٢): على شرط الشيخين.
(٤٩٦) رواه أبو داود في السنن: كتاب الأيمان والنذور: باب ما جاء في النذر في المعصية: الحديث (٣٢٩٦). على شرط البخاري؛ قاله ابن دقيق العيد في الاقتراح: في القسم الخامس: في أحاديث رواها قومٌ خَرَّجَ عنهم البخاري في الصحيح ولم يُخَرَّجْ عنهم مسلم رحمه الله: الحديث الرابع.

<<  <  ج: ص:  >  >>