للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المسكين في الخبر والأثر، والفقير أسوأُ حالًا منه وهما مصرف الصدقات غالبًا، وَلَهُ صَرْفُ أَمْدَادٍ إِلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ، أي بخلاف الْمُدِّ الواحد؛ فإنَّه لا يجوزُ صَرْفُهُ إِلَى شَخْصَيْنِ, لأنَّ كُلَّ مُدٍّ بِمَثَابَةِ كَفارَةٍ تَامَّةٍ، ويفارق زكاة الفطر فإنَّه يجوز صرف صاع إلى مائة مسكين مثلًا، وجزاء الصيد فيه احتمالان للقفال في فتاويه؛ أحدهما: إلحاقه بالفدية فلا ينقص كل مسكين عن مُدٍّ، والثاني: أنَّه يجوز النقصُ؛ لأنَّ الغرامةَ قد تكون أقلَّ منه، وَجِنسُهَا جِنْسُ الْفِطْرَةِ، أي فيعتبر على الأصح غالب قوت البلد كما سبق في بابها.

فَرْعٌ: يعتبر في المُدّ الذي توجبه هنا وفي الكفارات أن يكون فاضلًا عن قوته ومسكنه كزكاة الفطر قاله القفال في فتاويه.

فَصْلٌ: تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بإِفسَادِ صَوْمِ يَوْمٍ مِن رَمَضَان بِجِمَاعٍ أَثِمَ بِهِ بِسَبَبِ الصَّوْمِ، لحديث المجامع أهله في رمضان وهو مخرَّج في الصحيحين بطوله (٩٩٥) وقد ذكرت في التحفة دلائل هذا الكتاب من الحديث الصحيح فراجعه منها وهو إجماع إلَّا مَنْ شَذَّ، والقيود المذكورة سيشرحها المصنف بعده وأهمل قيد التمام تبعًا لِلْمُحَرَّرِ وذكره في الروضة فقال: بجماع تام واحترز به عن الجماع فيما دون


(٩٩٥) الحديث لأبي هريرة - رضي الله عنه -؛ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ؛ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ هَلَكْتُ؛ قَالَ: [مَا لَكَ؟ ] قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأنَا صَائِمٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: [هَلْ تَجِدُ رقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ ] قَالَ: لا! قَالَ: [فَهَل تَسْتَطِيّعُ أن تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابعَيْنِ؟ ] قَالَ: لا! قَالَ: [فَهَل تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّيْنَ مِسْكِينًا؟ ] قَالَ: لا. قَالَ: فَمَكَثَ النبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَبَينَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - بِعَرَق فِيّهَا تَمْرٌ- وَالْعَرَقُ: المِكْتَلُ قَالَ: [أيْنَ السَّائِلُ؟ ] فَقَالَ: أنَا! . قَالَ: [خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ] فَقَالَ الرَّجُلُ: عَلَى أَفْقَرَ مِني يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَواللهِ مَا بَيْنَ لَابَتَيهَا - يَعْنِي الْحَرَّتَينِ- أهْلُ بَيْتٍ أفْقَرَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي. فَضَحِكَ النبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى بَدتْ أَنْيَابُهُ، ثُم قالَ: [أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ]. رواه البُخَارِيّ في الصحيح: كتاب الصوم: باب إذا جامع في رمضان ولم يكن له شيء فتصدق عليه: الحديث (١٩٣٦). ومسلم في الصحيح: باب تغليظ تحريم الجماع: الحديث (٨١/ ١١١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>