للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَرْعٌ: ولا يجوز للعبد أن يعتكف بغير إذن سيِّدهِ؛ ولا المرأة بغير إذن زوجها. وَلَوِ ارْتَدَّ الْمُعْتَكِفُ أَوْ سَكِرَ بَطَلَ، أي الاعتكاف في زمن الردة والسكر لعدم أهليتهما والحالة هذه، وَالْمَذْهَبُ بُطْلاَنُ مَا مَضَى مِنَ اعْتِكَافِهِمَا الْمُتَتَابَع، أي حتى يُحْتَاجَ إلى استئنافهِ، فإن ذلك أشد من الخروج من المسجد، والثاني: لا يبطل في المرتد بخلاف السكران وهو المنصوص فيهما، والفرقُ أن السكران يُمْنَعُ مِن المسجد بكل حال للآية، بخلاف المرتد بل يجوز أن يُستتاب في المسجد، والثالث: قولان.

وَلَوْ طَرَأَ جُنُونٌ أَوْ إِغْمَاءٌ لَمْ يَبْطُلْ مَا مَضَى إِنْ لَمْ يُخْرَجْ، لأنه معذور بما عرض، فإن خرج نُظرِ إن لم يكن حفظه في المسجد فكذلك فإن أمكن ولكن يشق، فالأظهر أنه لا يبطل أيضًا، وَيُحْسَبُ زَمَنُ الإِغْمَاءِ مِنَ الاِعْتِكَافِ، كما في الصائم إذا أُغمي عليه بعض النهار، دُونَ الْجُنُونِ، لأن العبادات البدنية لا تصح منه، أَوِ الْحَيْضِ، أي لو كان الطارئ هو الحيض, وَجَبَ الْخُرُوجُ، لأنه يحرم المكث عليها.

وَكَذَا الْجَنَابَةُ، كذلك أيضًا، إِذَا تَعَذَّرَ الْغُسْلُ فِي الْمَسْجِدِ، فَلَوْ أَمْكَنَ جَازَ الْخُرُوجُ، أي ولا يكلف الغسل في المسجد؛ فإن الخروج أقرب إلى المروءة وصيانة حرمة المسجد، وَلاَ يَلْزَمُ، أي الخروج لأجل الغسل، بل له الغسل في المسجد، وفي هذا نظر، لأنه يؤدي إلى اللبث في المسجد وهو جنب وهو حرام عليه، وقد قال القاضى: لو كان في المسجد نهر جارٍ وأراد الجنب أن يغتسل فيه؛ فإنه لا يجوز؛ لأنه يحتاج إى المكث، وَلاَ يُحْسَبُ زَمَنُ الْحَيْضِ وَلاَ الْجَنَابَةِ، أي من الاعتكاف إذا مكثا فيه. وهل يبطل بالحيض ما سبق أم يجوز البناء عليه؟ فيه تفصيلٌ سيأتى آخر الكتاب.

فَصْلٌ: إِذَا نَذَرَ مُدَّةً مُتتَابِعَةً لَزِمَهُ، كما لو شرط التتابع في الصوم، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لاَ يَجِبُ التَّتَابُعُ بِلاَ شَرْطٍ، كما في نظيره من الصوم، والثاني: يجب وهو ما خرجه ابن سريج قولًا كما لو حلف لا يكلم فلانًا شهرًا فإنه يكون متتابعًا، وأجاب بأن اليمين مقصودها الهجران، ولا يتحقق بدون التتابع فعلى الأول لو نوى التتابع بقلبه ففي لزومه وجهان أصحهما: لا؛ كما لو نذر أصل الاعتكاف بقلبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>