للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وِإن أَحرَمَ ثُمَّ عَادَ فَالأصَحُّ أنَّهُ إِنْ عَادَ قَبلَ تلَبسِهِ بنُسُكٍ سَقَطَ الدَّمُ، لقطع المسافة من الميقات محرمًا وأداء المناسك بعده، وَإلّا فَلاَ، لِتَأدِّيهِ بإحرامٍ ناقص؛ ولا فرق بين أن يكون ذلك النسُكُ ركنًا أو سُنة، وهذا التفصيل هو ظاهر المذهب عند الأكثرين، وقيل: وجهان أو قولان: وجه عدم السقوط تَأكدُ الإساءة بإنشاء الإحرام من غير موضعه. وكان ينبغى للمصنف التعبير بالمذهب بدل الصحيح كما قررناه وكما فعل في الروضة.

تَنْبِيْهَانِ: الأوَّلُ: ظاهر كلامه يقتضي أن الدم وجب ولكن سقط بالعود، وهو وجه في الحاوي؛ وصحح: أنه لا يجب إلا بفوات العود، والثاني: الجمهور؛ كما قال في شرح المهذب: لم يتعرضوا لزوال الإساءة بالعود، وفي البيان بعد حكاية وجهين: أن الظاهر أنه لا يكون مسيئًا، وبه جزم الروياني، وقيد المحاملى ذلك بأن تكون المجاوزة بنية العود.

وَالأفضَلُ أَن يُحرِمَ مِن دُويرَةِ أَهلِهِ، لأنه أكثر عملًا، وَفِي قَولٍ: مِنَ المِيقَاتِ، لِلتْأسِّي بِهِ -صلى الله عليه وسلم -؛ فَإنهُ أحرَمَ فِي حَجَّةِ الوَدَاع مِنْهُ بالإجماع (١٠٥٢). قلْتُ: اَلمِيقَاتُ أَطهَرُ، وَهُوَ المُوَافِقُ لِلأحَادِيثِ الصحِيحَةِ، وَالله أعلَمُ، وهو كما قال: بل أطلق جماعة الكراهة على تقديم الإحرام على الميقات.

وَمِيقَاتُ العُمرَةِ لِمَن هُوَ خَارِجَ الحَرَمِ مِيقَاتُ الحَجِّ، لقوله عَلَيهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ في حديث ابن عباس - رضي الله عنه - السالف، ممن أراد الحج والعمرة، وَمَن بِالحَرَمِ، أي مكيًّا وغيره، يَلزَمُهُ الْخُرُوجُ إِلَى أدنَى الحِلِّ وَلَو بِخَطْوَةٍ، أي من أي جهة شاء من جهات الحرم، لأنه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ [أعْمَرَ عَائِشَةَ مِنَ التنْعِيمِ] (١٠٥٣)، فلو


(١٠٥٢) عن جابر -رضي الله عنه-؛ (أن النبِي -صلى الله عليه وسلم- أحْرَمَ فِى حَجَّةِ الوَدَاع مِنْ ذِى الحُليْفَةِ). رواه مسلم في حديث طويل: في الصحيح: الحديث (١٤٧/ ١٢١٨).
(١٠٥٣) عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها؛ (أن النبِي - صلى الله عليه وسلم - بعَثَ مَعَها أخَاها عَبْدَ الرحْمَن؛ فَأعمَرَهَا مِنَ التنْعِيمِ). رواه البخارى في الصحيح: باب الحج على الرَّحْل: =

<<  <  ج: ص:  >  >>