للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجهٌ، والخلاف راجع إلى أن الزائل العائد؛ كالذي لم يزل؛ أو كالذي ما لم يعد، وفيه صور ذكر المصنف بعضها في الكتاب مفرقًا، أَوْ بِمِسْكٍ وَزَعْفَرَانٍ؛ فَلاَ، لأن الظاهر أنهما ستراهُ، وجزم القفال في فتاويه بعودها فيما إذا زال بالعود ونحوه، وَكَذَا تُرَابٌ وَجِصٌّ فِي الأَظْهَرِ، لأنهما مكدران فيستتر التغيير، والثاني: يطهر لزوال التغيير، ومحلُّ الخلاف في حال الكدورة دون الصفاء، وَدُونَهُمَا يَنْجُسُ بالْمُلاَقَاةِ، لمفهوم الحديث السَّالف، فَإِنْ بَلَغَهُمَا بِمَاءٍ وَلاَ تَغَيُّرَ بِهِ؛ فَطَهُورٌ، لأن الغلبة دافعة للنجاسة، وقوله (بِالْمَاءِ) يخرج المائعات (•)، فَلَوْ كُوثِرَ بِإِيْرَادِ طَهُورٍ فَلَمْ يَبْلَغْهُمَا؛ لَمْ يَطْهُرْ، لأنه ماء قليل وفيه نجاسة، وَقيلَ: طَاهِرٌ لاَ طَهُورٌ، لأنه نجس وردَ عليه الماء فطهَّرَهُ كالثوب النجس.

وَيُسْتَثْنَى مَيْتَةٌ لاَ دَمَ لَهَا سَائِلٌ فَلاَ تُنَجِّسُ مَائِعًا، أي ماء وغيره إذا يكثر ولم تغيره ولم تطرح (•)، عَلَى الْمَشْهُورِ، للمشقة وعسر الاحتراز (٨٧)، والثَّانِى: تنجسه قياسًا على سائر الميتات، وَكَذَا في قَوْلٍ: نَجِسٌ لاَ يُدْرِكُهُ طَرْفٌ، لعسر الاحتراز


الفقهي على الواقع، بطريقة فهم الواقع وفهم الواجب في الواقع.
(•) في نسخة (٣): مُخْرِجٌ للمائعات.
(•) في نسخة (٣): إذا لم تكثر وتغيره ولم تطرح.
(٨٧) قال الشافعي - رضي الله عنه -: فأمَّا ما كان مِمَّا لا نفس له سائلة مثل الذباب والخنافس وما أشبهها؛ ففيه قولان: أحدهما: أنَّ ما مات من هذا في ماء قليل، أو كثير لم ينجسه. ومَن قال هذا؛ قال: فإن قال قائل! هذه ميتة؛ فكيف زعمت أنها لا تنجس؟ قيل: لا تُغَيِّرُ الماء بحالٍ؛ ولا نَفْسَ لها؛ فإن قال: فهل من دلالة على ما وصفت؟ قيل: نعم؛ إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بالذباب يقع في الماء أن يغمس فيه؛ وكذلك أمر به في الطعام؛ وقد يموت بالغمس وهو لا يأمر بغمسه في الماء والطعام، وهو ينجسه لو مات فيه، لأن ذلك عمد إفسادهما. والقول الثانى: أنه إذا مات فيما ينجس نجس، لأنه محرمٌ، وقد يأمر بغمسه للداء الذي فيه، والأغلب أنه لا يموت، وأحب أن كل ما كان حرامًا أن يؤكل، فوقع في الماء؛ فلم يمت حتى أُخرج منه، لم ينجسه، وإن مات فيه نجسه وذلك مثل الخنفساء والجعل والذباب والبرغوث والقملة وما كان في هذا المعنى. الأُم: ج ١ ص ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>