للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإمام الرويانى وكان مأخذهما أن العبرة بما ظنه أو بما في نفس الأمر، والظاهر: الصحة؛ كبيع مال أبيه على ظن حياته؛ فبان موته.

الثانِي: النفْعُ، لأن بذل المال فيما لا منفعة فيه سفه (٨)، فلا يَصِحُّ بَيْعُ الْحَشَرَاتِ، لعدم النفع، ويستثنى من ذلك العلق لمنفعة امتصاص الدم، وَكُلِّ سَبُعٍ لا يَنْفَعُ، أي لا يؤكل ولا يصطاد ولا يقاتل عليه كالأسد ونحوه، ولا حَبَّتَي الحِنْطَةِ، لسقوط منفعتهما لقلتهما، وَنَحوها. آلَةَ اللهْوِ، أي المحرم كالطنبور وغيره لسقوط منفعتها شرعًا، وَقِيلَ: يَصِح فِي الآلَةِ إِن عُدَّ رُضَاضُها مَالًا، أي مكسرها مالًا؛ لأن فيها نفعًا متوقعًا فأشبه الجحش الصغير، أما مَا لا يُعَدُّ رضَاضُهُ مالًا كالمزمار الصغير من القصب فلا يصح على وجه شاذ، وَيصِحُّ بَيْعُ المَاءِ عَلَى الشَّطِّ، وَالتُّرَابِ بِالصحرَاءِ فِي الأصَحِّ، لوجود النفعة فيهما، وكثرتهما لا يخرجهما عن كونهما مالًا، والثاني: لا يصح، لأنَّ بَذْلَ المالِ فيهما مع وجود مثلهما بلا تعبٍ سفةٌ، ولا يبعد تخصيص هذا الوجه بما إذا لم يكن في المبيع صفة زائدة كبرد الماء؛ وصفوه؛ وكربلة التراب؛ ونحت الصخرة؛ ونظير هذا الخلاف بيع نصف دار شائع بنصفها الآخر والأصح الصحة أيضًا، ولهذا العقد فوائد: منها عدم رجوع الوالد فيما وهب لولده وعدم رجوع البائع إلى عين ماله.

الثالِثُ: إِمكَان تَسْلِيمِهِ، أي حسًا وشرعًا ليوثق بالمقصود منه ولو عَبَّرَ بالتسلُّم بضم اللام كان أقرب، لأن التسليم فعل البائع، وستعرف في بيع المغصوب أن قدرة البائع ليست شرطًا، فلا يَصِح بَيْعُ الضَّالِّ وَالآبِقِ، أي وإن عرف موضعهما، لأنه غير مقدور على تسليمهما في الحال، وَالْمَغْصُوبِ، لما قلناه، فَإِن بَاعَهُ لِقَادِرٍ عَلَى


= بيع الخمر والميتة: الحديث (٧١/ ١٥٨١).
(٨) لعموم حديث ورَّاد كاتب الْمُغيْرَةِ بْنِ شُعبةَ قَالَ: كَنَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى المُغِيرَةِ بنِ شُعبةَ؛ أنْ اكتب إِلَيَّ بِشَئٍ سَمِعتَهُ مِنَ النبِى - صلى الله عليه وسلم -؟ فَكَتَبَ إليهِ: سَمِعْتُ النبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: [إِنَّ الله كَرِة لَكُم ثَلاثًا: قِيْلَ وَقَالَ؛ وإِضَاعَةَ المَالِ؛ وَكَثْرَةَ السُّؤال]. رواه البخاري في الصحيح: كتاب الزكاة: الحديث (١٤٧٧). ومسلم في الصحيح: كتاب الأقضية: الحديث (١٢/ ٥٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>