للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وهؤلاء الناس ضعاف العقول، أو قد أصابهم آثار مرض الكسل العقلي.
* أما العقل بالتفكير، وهو الإدراك، بأن يقبل العقل العلم جملة، فيدرك الأشياء والأفكار من غير تركز منتج أو أَنَّهُ يتجه إلى التركيز الفكري الثفافي والعلمي فقط، فالعقل بالتفكير إدراك يحصل حين استعمال الإنسان عقله بالحكم على الأشياء أو تصورها في الذهن في أقل تقدير، وهو بوصفه فاعلية ذهنية هو والإدراك والفكر بمعنى واحد.
فالعقل القدرة على مسك الأفكار بالإدراك وإنتاجها في الذهن. وفي دلالة قوله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ، قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [البقرة: ٣١ - ٣٢] يُفهم منه واقع العقل وحَدِّه؛ بأنه واقع محسوس وعلم يفسر هذا الواقع بالحكم عليه. لهذا؛ فإن العقل هو القدرة على ربط الواقع المحسوس بالمعلومات السابقة. وتجري عملية الربط هذه بالإدراك؛ أي بتمثل الواقع في الذهن والحكم
عليه بإثبات أو نفي وهذا هو التركيز الفكري الثقافي والعلمي؛ وإلا فهو تصوُّر.
* أما العقل بالفكرة، فهو استعمال العقل لما هو نافع، نافع بذاته أو نافع لغيره؛ فإدراك الأفكار على حقيقتها الموضوعية والتعامل معها بصدق، أو إدراك الأفكار على حقيقتها الخبراتية أو الفنية والتعامل معها بهدف وقصد. فقد تجد المرء عاقلاً في جانب خبراتي أو علمي مادي أو فني، ولكنه في الجانب الفكري لا عقل له؛ لأنه لم يستعمله بطريقته أو لأنه لم يصدق في إدراك الفكرة الموضوعية، قال القرطبي: قيل لعمرو بن العاص: ما بال قومك لم يؤمنوا وقد وصفهم الله بالعقل؟ (أي في قوله تعالى: {أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا} [الطور / ٣٢]) قال: تلك عقول كادها الله؛ أى لم يصحبها بالتوفيق): الجامع لأحكام القرآن: ج ١٧ ص ٧٣. قلتُ: والتوفيق تهيأة الأسباب للطباعة كما تقدم.
وقال القرطبي: (وإنما يعطى الكافر الذهن فصار حجة عليه، والذهن يقبل العلم جملة. والعقل- أي الفطري- يميز العلم ويقدر المقادير لحدود الأمر والنهي) [ج ١٧ ص ٧٣] أى ينشط طبيعياً حين التعامل مع السمع، وييقى القصد في الصدق في الجد. فإن لم يصدق ولا يجد، فكأنه لم يسمع ولم يعقل، ولهذا خسر النفع، فلم ينفعه عقله، وصار كمن لا عقل له.
روي أن رجلاً نصرانيًا تاجراً من أهل جَرَشْ كان له ثبات ووقار، قدم المدينة؛ فقال رجل: يا رسول الله! ما أعقل هذا النصراني! فقال: [مِهْ! إِنَّ الكَافِرَ لاَ عَقْلَ =

<<  <  ج: ص:  >  >>