* قلتُ: وليس الضربين الثاني والثالث، هما المراد في قوله: (زَوَالُ الْعَقْلِ). وإنما المراد فقد الذهن خاصة العقل والقدرة على الإدراك، أي ذهاب العقل مع غيبوبة إغماء أو جنون. أما أنَّ وجود حضور الذهن بكمون خاصة العقل للإدراك، يجعل المرء في موضوع الخطاب وموضع التكليف، فلأنه يميز العلم بالسماع ويميز الأشياء به، ويميز ما يسمع ويبصر من جهته. * أما قوله (أنه صفة يميز بها بين الحسن والقبيح) فليس بإطلاق، لأن الثواب والعقاب لا يعرفان بالعقل، وإنما يعرفان بالشريعة والنقل؛ وهذا له مبحثه في أصول الفقه. أما قول الشافعي - رضي الله عنه -: (إنه آلة التمييز) فصحيح؛ ولكنه ليس حدّاً للعقل ولا تعريفاً له؛ وإنما هو وَصَفُ العَقلِ من حيث وظيفته بأنه أداة التفكير وآلة التمييز بين الأشياء وشرط التكليف في عرف الشريعة. هذا المبحث للضرورة فاقتضى التنويه إليه. (٩٨) إطلاق لفظ النوم لا يتصور منه إلا مضطجعاً، بل لا يقع لفظ النوم مطلقًا إلا أن يكون مضطجعاً، قال الإمام الشافعي - رضي الله عنه -: (وأن معلومًا؛ أن من قيل له: فلان نائم! فلا يتوهم إلا مضطجعاً، ولا يقع عليه اسم النوم مطلقاً إلا أن يكون مضطجعاً) الأُم: ج ١ ص ١٢. وقال: قال الله تعالى {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: ٦]. فَسَمِعْتُ بَعْضَ مَنْ أرْضَى عِلْمَهُ بِالِقُرْآنِ، يَزْعُمُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْقَائِمِينَ مِنَ النَّوْمِ. وقال: وَأَحْسَبُ مَا قَالَ كَمَا قَالَ؛ لأَنَّ فِي السُّنْةِ دَلِيلاً عَلَى أَنْ يَتَوَضَّأَ مَنْ قَامَ مِنْ نَوْمِهِ؛ أي حديث أبي هريرة أن النبي - صَلَّى الله عليه وسلم - قال: [إذَا استَيْقَظَ أحَدُكُم مِنْ نَومِهِ فَلا يَضَعَ يَدَهُ في الوَضُوء حَتَّى يَغْسِلَهَا، فإنَّهُ لا يدرى أحدٌ أينَ بَاتَتْ يَدَهُ]. انتهى. والحديث أخرجه مسلم في الصحيح: كتاب الطهارة: باب كراهة غمس المتوضئ يده المشكوك في نجاستها في الإناء: الحديث (٨٧/ ٢٧٨). والبيهقى في السنن الكبرى: الحديث (٥٧٨).