لفوات ما وكل فيه، واحترز بقوله (وَوَصَفَهَا) عَمَّا إِذَا لَمْ يَصِفْهَا فَإِنَّ التوْكِيلَ لَا يَصحُّ، وَإِن سَاوَتْهُ كُلُّ وَاحِدَةٍ؛ فَالأظْهَرُ: الصِّحَّةُ، وَحُصُولُ الْمِلْكِ فِيهِمَا لِلْمُوَكِّلِ، لأنه حصل المقصود وزاد خيرًا فأشبه ما لو قال بِع بخمسة فباع بعشرة، والثاني: لا تقع الشاتان معًا للموكل؛ لأنه لم يأذن إلا في واحدة، بل إن اشترى في الذِّمَّةِ فللموكِّلِ واحدة بنصف دينار والأخرى للوكيل، وللموكِّل تقريرُ العقدِ فيهما على الأصح إذا عقد له. أو بالعين فالوكيل فضولي، وقوله (وَإِنْ سَاوَتْهُ كُلُّ وَاحِدَةٍ) هو طريقة، والأصح في الروضة: إنَّ الشرط أن يكون أحداهما فقط مساوية للدينار.
وَلَوْ أَمَرَهُ بِالشِّراءِ بِمُعَين فَاشْتَرَى في الذِّمَّةِ لَم يَقَعْ لِلْمُوَكلِ، لمخالفته، فإنه ألزم ذمة الموكل ما لم يأذن فيه ويقع العقد له وإن صرح بالسفارة، وَكَذَا عَكسُهُ فِي الأصَحِّ، للمخالفة؛ فإنه أمرَهُ بِعَقْدٍ يلزم مع بقاء المدفوع وتلفِه فَعَقَدَ عقدًا يلزمُ مع بقائه دُونَ تلَفِهِ، وقد يكون غرض الموكل تحصيل المبيع على كل حال، والثاني: يصح، لأنه أقلُّ غررًا فقد زاد خَيرًا.
وَمَتَى خَالفَ الْمُوَكّلُ فِي بَيع مَالِهِ، أي بأن قال: بِعْ هذا العبد فباع غيره، أَو الشرَاءِ بِعَينهِ، فاشترى في الذمة، فَتَصَرُّفُهُ بَاطِل، أما في الأوْلى: فلأن المالك لم يرضَ بإزالة ملكه عنه، وأما في الثانية: فكالبيع.
وَلَو اشْتَرَى في الذِّمَّةِ وَلَمْ يُسَمِ الْمُوَكِّلُ؛ وَقَعَ لِلْوَكِيلِ، لأن الخطاب جرى معه وإنما ينصرف بالنية إلى الموكل إذا كان موافقًا لإذنه، فإذا خالف لغت نيَّته وصار كأجنبي يشتري لغيره في ذمته، وَإِن سَمَّاهُ فَقَال الْبَائِعُ: بِعْتُكَ، فَقَال: اشْتَرَيتُ لِفُلانٍ؛ فَكَذَا فِي الأصَحِّ، أي وتلغوا التسمية لأنها غير معتبرة في الشراء، فإذا سمّاه ولم يمكن صرفه إليه صار كأنه لم يسمِّه، والثاني: أن العقد باطل من أصله لامتناع إيقاعه عنه بالإضافة إلى الغير وهذا من فوائد القاعدة الأصولية أَنَّ الْخُصُوصَ إِذَا بَطَلَ هَلْ يُبطِلُ الْعُمُومَ؟