للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَرْعٌ: لو رجع المُقَرُّ لهُ عن الإنكارِ فحاصل المذهب عدم تسليمه إليه.

فَإن رَجَعَ الْمُقِرُّ فِي حَالِ تَكْذِيبِهِ، وَقَال: غَلِطْتُ، أي أو تعمدت الكذب، وقلنا يُقَرُّ في يدهِ، قُبِلَ قوْلُهُ فِي الأصح، بناء على أن الترك في يده إبطال للإقرار، والثاني: لا، بناءً على أنه لو عاد المقر له وصدقه قُبل منه، وإذا كان ذلك متوقعًا يلتفت إلى رجوعه.

فَصْلٌ: قَولُهُ لِزَيدٍ كَذَا، صِيغَةُ إِقْرَارٍ، لأن اللَّامَ تَدُل علَى الْمِلْك، وهذا إذَا قَال: لَهُ على أو عندي أو نحوهما مما سيأتي، وإلا فهو مجرد إخبار، وَقولُهُ: عَلَي وَفِي ذِمَّتِي لِلدَّينِ، أي الملتزم في الذمة؛ لأنه المتبادر عرفًا، وَلَوْ عَبَّرَ بِأَوْ بَدَلَ الوَاو كَانَ أحْسَنَ، ويؤاخَذُ مما ذكره على الأصح، وَمَعِي وَعِنْدِي لِلْعَين، أي كلّ منهما؛ لأن مَعَ وَعِنْدَ ظَرْفَانِ، ومعنى كونه إقرارًا بالعين؛ أنه يحمل عند الإطلاق على الوديعة حتى لو ادعى الرد أو التلف قَبْلُ، كما سيأتي من كلامه بخلاف الدينِ.

وَلَوْ قال: لِي عَلَيكَ أَلْفٌ، فَقَال: زِن؛ أَوْ خُذْ؛ أَوْ زِنْهُ؛ أَوْ خُذْهُ؛ أَوْ اخْتِمْ عَلَيهِ؛ أَو اجْعَلْهُ فِي كِيسِكَ فَلَيسَ بإقْرَارٍ، لأنه ليس بالتزام وإنما يذكر للاستهزاء، وَلَوْ قَال: بَلَى؛ أَوْ نَعَمْ؛ أَوْ صَدَقْتَ؛ أَوْ أَبْرَأتنِي مِنْهُ؛ أَو قَضيتُهُ؛ أَو أَنَا مُقِرٌّ بِهِ فَهُوَ إِقرَارٌ، لأنها ألفاظ موضوعة للتصديقِ والموافقةِ ولا بد من بيِّنة الإبراء، قال الرافعي: وكلامهم في الأخير يئول على أن الحكمَ بكونه إقرارًا محله إذا خاطبه فقال: أنا مُقِرٌّ لك به وإلّا فهو يَحْتَمِلُ الإقرارَ بهِ لغيرهِ.

وَلَوْ قَال: أَنَا مُقِرٌّ، أي ولم يقل به، أَوْ أَنَا أقر به فَلَيسَ بِإقرَارٍ، أما في الأولى: فلجواز أن يريد الإقرار ببطلان دعواه أو بالوحدانية، وأما في الثانية: فلأنه قد يريد الوعد بالإقرار في ثاني الحال.

وَلَوْ قَال: أَلَيسَ لِي عَلَيكَ كذَا؟ فَقَال: بَلَى؛ أَوْ نَعَمْ فَإقْرَارٌ، وَفِي نَعَمْ وَجْهٌ، لأنهُ مُقتضَاهُ في اللغة، ووجه الأول أنَّ الإقرارَ يُحْمَلُ على مفهومِ أهلِ العُرفِ لا على

<<  <  ج: ص:  >  >>