للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَرْعٌ: لو جمع بينهما، فقال: له عليَّ ألف درهم دَينًا في ذمتي؛ فالخلاف مرتب؛ وأوْلى بأن لا يقبل.

تَنْبِيهٌ: جميع ما تقدم فيما إذا كان زَعْمُهُ الْوَدِيعَةَ مَفْصُولًا عن الإقرارِ كما فرضَهُ المصنف، فإن وصله بإقراره بأن قال: له عليّ ألف وديعة فيقبل على المذهب، وقيل: على قولين كقوله ألف قضيته.

قُلْتُ: فَإذَا قبِلْنَا التفْسِيرَ بِالْوَدِيعَةِ، فَالأصَحُّ: أَنهَا أَمَانَة، فَيُقْبَلُ دَعوَاهُ التْلَفَ بَعْدَ الإقْرَارِ وَدَعْوَى الردِّ، لأن هذا شأن الوديعة بخلاف ما إذا ادّعى التلف أو الرد قبل الإقرار، فإنه لا يقبل؛ لأن التالف والمردود لا يكون عليه بمعنى من المعاني، وهذا ما صرح به ابن الصباغ واقتضاه كلام غيره، والثاني: أنها تكون مضمونة فلا تقبل دعوى الرد والتلف أخذًا بقوله علَيَّ فإنها متضمنة للالتزام، وهذا قول الأصحاب كما ذكره الإمام عنهم ثم استشكله توجيهًا ونقلًا.

وَإِن قَال: لَهُ عِنْدِيَ أَو مَعِيَ أَلْف؛ صُدقَ فِي دَعوَى الوَديعَةِ وَالرد وَالتلَفِ قَطْعًا، وَالله أَعْلَمُ، لأنه لا إشعار له بالدينية ولا بالضمان، وَلَوْ أَقَر بِبَيع أَوْ هبة وإقباض، ثُم قال: كان فاسِدا، وَأَقررْت لِظَنِّيَ الصِّحةَ، لَم يُقْبَلْ، لأن الاسم يختص بالصحيح عند الإطلاق، وهذا هو الصحيح في نظيره فيما إذا ادعى أحدهما صحة البيع والآخر فساده، كما سلف عند ذكر المصنف له في بابه، وَله تحلِيفُ الْمُقَر لَهُ، لأن ما ادعاه ممكن، وجهات الفساد قد تخفى عليه، فَإن نَكَلَ، حَلَفَ الْمُقِر وَبَرِىَء لأنَّ الْيَمين المَردُودَةَ كالإقرار أو كالبيِّنةِ وَكلاهُمَا يحصل هذا الغرض، وعبارة المُحَرَّرِ والشرحين والروضة: وَحكِمَ بِبُطْلانِهِ بَدَلَ وَبَرِئ وهي أحسنُ؛ لأن النزاع في عَينٍ لا دَينٍ، واحترز بقوله (أوْ هِبَةٍ وَإقبَاض) عمَّا إذا أقر بالهبةِ فقطْ فإنه لا يكون مقرًا بالإقباض على المذهب.

وَلَو قَال: هَذِهِ الدارُ لِزَيد بَل لَعَمرو أو غَصبْتُهَا مِنْ زَيدٍ بل مِن عَمرو، سُلمَت لِزيدٍ، لأنه مَنْ أَقَر لآدَميّ بِحَقٍّ لَم يُقبَلْ رُجُوعُهُ، وَالأظْهَرُ: أن المقر يغْرَم قِيمَتَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>