للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَيهِ، فإن شاهدنا ذلك لم نلتفت إلى الإنكار، والخلاف جارٍ فيما لو استلحق مجنونًا فأفاق فأنكر.

وَيصِحُّ أَن يَسْتَلْحِقَ مَيِّتًا صَغِيرًا، أي وإن كان له مال لبناء أمر النسب على التغليب، ولهذا يَثْبُتُ بمجرُّدِ الإمكانِ حتَّى لو قَتَلَهُ ثم استلحقهُ قُبِلَ مِنْهُ وحكم بسقوط القصاص، وَكَذَا كَبيرٌ في الأصَحِّ، كالصغير, والثاني: لا، لفوات التصديق وهو شرط، وَيرِثُهُ، أي يرث الميت المستلحق؛ لأنه فرعُ النسب ولا ينظر إلى التهمة.

وَلَو اسْتَلْحَقَ اثنَانِ بَالِغًا ثَبَتَ لِمَنْ صَدَّقَهُ، لاجتماع الشرائط فيه دون الآخر، فإن لم يصدق واحد منهما عرض على القائف، وَحُكْمُ الصَّغيرِ يَأْتِي في اللَّقِيطِ إِن شَاءَ الله تَعَالى، وَلَوْ قَال لِوَلَدِ أَمَتِهِ: هَذَا وَلَدِي، ثَبَتَ نَسَبُهُ، أي عند اجتماع شروطه كما تقدم، وَلَا يَثْبُتُ الاسْتِيلَادُ في الأظْهَرِ, لأن الأصل الرّقُّ، ويحتملُ أَن الإِسْتِيلَادَ كَانَ في نِكَاحٍ قَبْلَ الْمِلْكِ، والثاني: يثبت عملًا بالظاهر، وصححه الشيخُ أَبو حامدٍ وجاعةٌ، وَكَذَا لَوْ قَال وَلَدِي وَلَدَتْهُ في مِلْكي، لاحتمال أن يحبلها قبل الْمِلْكِ بالنكاح ثم يشتريها فتلد في الْمِلْكِ فيجري فيها القولان، فَإِن قَال: عَلِقَتْ بِهِ في مِلْكِي، ثَبَتَ، يعني، الاسْتِيلَادُ، وانقطع الاحتمال وكانت أُم ولدٍ لا محالة، قاله الرافعي وفيه نظر؛ لأنها قد تكون في تلك الحالة مرهونة وهو معسر فبيعت في الدَّين ثم اشتراها ففي ثبوت الاستيلاد والحالة هذه خلاف مشهور فلم ينتفِ الاحتمال، فَإن كانَتْ، أي الأَمة، فِرَاشًا لَهُ، وأقر أي بوطئها لَحِقَهُ بِالْفِرَاشِ، مِنْ غَيرِ اسْتِلْحَاقٍ، لإطلاق الحديث الصحيح [الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ] (١٤٣) فيعتبر فيه الإمكان


(١٤٣) حديث [الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَللْعَاهِرِ الْحَجَرُ] عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا؛ قَالتْ: كَانَ عُتبَةُ بْنُ أَبِي وَقاصٍ عَهِدَ إلَى أخِيهِ سَعْدَ بْنِ أبي وَقَّاصٍ، أنَّ وَليدَةَ زَمْعَةَ مِنِّي فَاقْبِضْهُ. قَالت: فَلَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْحِ أَخَذَهُ سَعْدُ بْنُ أبِيَ وَقَّاصٍ، وَقال: ابْنُ أخِي، قَدْ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ. فَقَامَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ؛ فَقَال: أَخِي، ابْنُ وَليدَةِ أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ. فَتَسَاوَقَا إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَال سَعد: يَا رَسُولَ اللهِ، ابْنُ أَخِي، كَانَ قَدْ عَهِدَ إِلَي فِيهِ. فَقَال عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: أَخِي، وَابْنُ وَليدَةِ أبي، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ. فَقَال النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: [هُوَ لَكَ يا عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ].=

<<  <  ج: ص:  >  >>