بِالْجِلْدِ، وَيطْحَنَ بِبَعْضِ الدقِيقِ أَو بِالنخالةِ، لأن الأجرة ليست في الحال على الهيئة المشروطةِ فهي إذن غيرَ مقدورٍ عليها، وَلَو اسْتأجَرَها لِتُرضعَ رَقِيقًا بِبَعْضِهِ في الْحَالِ، جَازَ عَلَى الصحِيح، كما لو ساقى شريكه وشرط له الزيادة من الثمر يجوز؛ وإن كان يقع عمله في مشترك، والثاني: لا يجوز، ونقلهُ الإمام عن الأصحاب؛ لأن عملَ الأجيرِ يَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ في خاصِّ مِلْكِ المُستأجِرِ، أما بعد الفطامِ فإنه لا يجوز قطعًا، وعنهُ احترَزَ بقوله (في الْحالِ)، وَكَونُ الْمَنْفَعَةِ مُتَقَومَةً، أي ليحسن بذل المال في مقابلتها، وإلّا كان بذل المال لها سفهًا وتبذيرًا، فَلا يَصِحُّ استئجارُ بَياع عَلَى كَلِمَةٍ لا تُتْعِبُ وَإِن رَوَّجَتِ السِّلْعَةَ، إذ لا قيمة لها. ويلتحق بما نحن فيه ما إذا استأجرهُ لِيُعَلمَهُ آيةً لا تَعَبَ فيها كقوله تعالى:{ثُمَّ نَظَرَ}(١٦٨) وَقَدْ صَرَّحُوا بِهِ في الصدَاق.
وَكَذا دَراهِمُ وَدَنانيِرُ لِلتزْيين وَكَلْبٌ لِلصيدِ، أي وكذا للحراسة، في الأصَح، أي فلا يجوز في هؤلاءِ، أما في الأوَلى: فلأن منفعةَ التزيننِ بِهِما لا تُقْصَدُ إلَّا نادرًا فكأَنهُ لا مَنْفَعَةَ، وأما في الثانية: فلأنّ الكلبَ لا قيمةَ لِعَينهِ فكَذا مَنْفَعَتُهُ، والثاني: يصح، لأنها منافعٌ تُسْتَباحُ بالإعارةِ فاسْتُحِقتْ بالإجارةِ كسائرِ المنافع، وأجرى في الاستقصاء الخلافَ في الطِّيبِ كالمِسْك ونحوُهُ. وقوله (لِلتزيينِ) يشيرُ به إلى أنه إذا أطلقَ لا يصحُّ جزمًا والأمرُ كذلكَ، وادَّعَى بعض المتأخرينَ أنه يكون فرضًا والحالةُ هذهِ، وفيه نظرٌ لأن مقتضاهُ تمليكُ العينِ، وَلَفْظُ الإجارَةِ يُنافِيهِ، وَكَوْنُ الْمُؤَجِّرِ قادِرًا عَلَى تَسْلِيمِها، أي حِسًّا وَشَرعًا، فَلا يَصِحُّ اسْتِئجارُ آبِقٍ وَمَغْصُوبٍ، كَبَيعِهِما، وَأَعْمَى للْحِفْظِ، أي حفظِ المتاعِ وكذا أخرسَ للتعليمِ، وَأَرضٍ لِلزراعَةِ لَا مَاءَ لَها دائِمٌ، وَلا يَكْفِيها الْمَطَرُ الْمُعتادُ، ولا تسقى بماءٍ غالب الحصُولِ من الجبلِ؛