كذا تبع فيه الْمُحَرَّرَ، وظاهرهُ أنه تأجيلٌ صحيحٌ، والأصحُّ: لا، لأنه يقعُ على جميع النصفِ الأولِ، وَلا يَجُوزُ إِجارَةُ عَينٍ مَنْفَعَةٍ مُسْتَقْبَلَةِ، أي كإجارةِ الدارِ السَّنةَ المستقبلةَ قياسًا على البيع، فإنه لو باع على أن يسلم بعد شهر كان باطلًا، وكذا لو قال أجرتك الدارَ سَنَةً، فإذا انقضت فقد أَجَّرتُكَها سَنَةً، فالعقد الثاني فاسدٌ على الصحيح للتعليقِ وتأجيلِ النافع، فَلَوْ أَجَّرَ، المالكُ، السَّنَةَ الثانِيَةَ لِمُسْتأجِرِ الأوْلَى قَبْلَ انْقِضائِها جازَ في الأصَحّ، لاتصال المدتين كما لو أجر منه السنتين في عقد واحد، والثاني: لا يجوز وهو الأقيس، لأنها إجارة سَنَةٍ قابلةٍ كما لو أجَّر من غيره أو منه مدَّة لا تصل بالْمُدَّةِ الأولى.
وَيجُوزُ كِراءُ العُقَبِ في الأصَحِّ، وَهُوَ أَن يُؤَجرَ دابة رَجُلًا لِيَركَبَها بَعْضَ الطرِيقِ، أَوْ رَجُلَينِ لِيَركَبَ هَذا أيامًا وَذا أيَّامًا، ويبَيِّنَ الْبَعْضَينِ، ثُمَّ يَقْتَسِمانِ، أي المكري والمكتري لثبوت الاستحقاق حالًا، والتأخيرِ الواقع من ضَرُورَةِ الْقِسْمَةِ. بخلاف ما لو استأجرها ليركبها زمانًا، ثم المستأجر بعده زمانًا، لتأخر حقه وتعلقها بالمستقبل، والثاني: لا يجوز فيهما؛ فإنهُ إجارةٌ إلى آجال متفرقة وأزمنة منقطعة، والثالث: يصح في الصورة الثانية؛ لاتصال زمن الإجارة فيها دون الأولى. والرابع: يصح فيهما، إن كانت في الذمة ولا يصح إن كانت مُعَيَّنَة.
فصْلٌ: يُشْتَرَطُ كَوْن الْمَنْفَعَةِ مَعْلُومَةً، أي عينًا وصفة وقدرًا كالبيع، ثُمَّ تارَةً تُقَدَّرُ، أي المنفعةُ، بِزَمانٍ كَدارٍ سَنَةً، وَتارَةً بِعَمَلٍ كَدابةٍ إِلَى مَكةَ، وَكَخِياطَةِ ذا الثوْبِ؛ فَلَوْ جَمَعَهُما، أي جمع بين التقدير بالعمل والزمان، فاسْتأجَرَهُ لِيَخِيطَهُ بَياضَ النهارِ لَمْ يَصح في الأصَحَّ، للغرر فَقَد يَتَقَدم الْعَمَلُ وَقَد يَتأخرُ، والثاني: يصح إذِ الْمُدَة مَذْكُورَةٌ للتعجيلِ فلا يؤثر في فساد العقد، والثالث: إنْ أمكنَ العملُ في المدَّةِ المذكورةِ صَحَّ وإلّا فلا، وفي البحر عن البويطي: إِنْ أَمْكَنَ كانَ ذِكْرُهُ أَفْضَلَ وَصَحَّحَهُ، ويقَدرُ تَعْلِيمُ الْقُرآن بِمُدةٍ، أي كشهر ونحوه، وخالفَ الرافعيُّ في الشرح الصغير والتذنيب فقال: الأشبهُ أَنهُ لا يَكْفِي التقْدِيرُ بِالْمُدَّةِ، أَوْ تَعْيِينِ سُوَرٍ،