للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَنُزُولهِ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ، أي فَيُنِيخُ الْبَعِيرَ للمرأةِ والضعيف، وَيُقَرِّبُ الْبَغْلَ وَالحِمَارَ مِنْ نَشْزٍ؛ أي مِنْ مَكَانٍ عَالٍ لاقتضاء العُرفِ ذلكَ، والاعتبارُ في القوَّةِ والضَّعْفِ بحالةِ الرُّكوب لا بحالةِ الإجارةِ، وَرَفْعُ الْحِمْلِ وَحَطُّهُ، وَشَدُّ الْمَحْمِلِ وَحَلُّهُ، لاقتضاء العرف ذلك، وكذا شَدُّ أحدِ المحملينِ إلى الآخر وهما بَعْدُ عَلَى الأَرْضِ على الأصَحِّ، من زوائدِ الروضةِ والشرحِ الصغيرِ، وَلَيسَ عَلَيهِ فِي إجَارَةِ الْعَينِ إِلَّا التَّخْلِيَةُ بَينَ الْمُكتَرِي وَالدَّابَّةِ، أي وليس عليه أنْ يُعِينَهُ فِي الرُّكُوَبِ وَالْحِمْلِ، وَتَنْفَسِخُ إِجَارَةُ الْعَينِ بِتَلَفِ الدَّابَّةِ، لفواتِ المعقودِ عليهِ خلافًا لأبي ثورٍ، وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ بِعَيبِهَا، كما لو وجد المبيع معيبًا، وَلَا خِيَارَ فِي إِجَارَةِ الذِّمَّةِ، بَلْ يَلْزَمُهُ الإِبْدَالُ، كما لو وجد بِالْمُسْلَمِ فِيهِ عَيبًا، ولا تنفسخُ بتلفها والحالةُ هذه أيضًا، وعنه احترَزَ بقوله (إِجَارَةُ الْعَينِ)، وَالطَّعَامُ الْمَحْمُولُ لِيُؤْكَلَ يُبَدَّلُ إِذَا أُكِلَ فِي الأَظْهَرِ، كسائر المحمولات إذا باعَها أو تَلِفَتْ، والثاني: لا يُبَدَّلُ حملًا على العُرْفِ، ومحل الخلاف ما إذا أكلَ بَعْضَهُ، فإن أكلَ كله فوجهان، أصحهما: أن الأمر كذلك، ومحله أيضًا عند الإطلاق، وما إذا كان يجد الطعام في المنازل المستقبلة بسعر الْمَنْزِلِ الذي هو فيه، وإلَّا أَبْدَلَ في الثاني قطعًا، واتبع الشرطَ فِي الأَوَّلِ قطعًا، واحترز بقوله (أَكَلَ) عَمَّا إِذَا فَنَى كُلَّهُ أوْ بَعْضَهُ بِسَرِقَةٍ، أوْ تَلَفٍ، فإنَّ لهُ الإبدال كسائر المحمولات، وفيه قولٌ حكاهُ الماورديُّ.

فَصْلٌ: يَصِحُّ عَقْدُ الإِجَارَةِ مُدَّةً تَبْقَى فِيهَا الْعَينُ غَالِبًا، لأنها تجوز إلى سَنَةٍ وفَاقًا، وما جاز إلى سنةٍ جَازَ إلى أَكْثَرَ مِنْهَا كَالأَجَلِ فِي الْبَيع، وَخَرَجَ بِالْغَالِبِ مَا لَا يَبْقَى غَالِبًا، وَفِي قَوْلٍ: لَا يُزَادُ عَلَى سَنَةٍ، لاندفاع الحاجة بها، وَفى قَوْلٍ: ثَلاثِينَ، لأنها شطر العمر الغالب، وقيل: يجوزُ إلى مُدَّةٍ لا تبقى الْعَينُ فيها غالبًا، لأنَّ الأصلَ فيها الدَّوَامُ وصححه الغزالي في وسيطه (•).

فَرْعٌ: حكمُ الوقفِ في مدَّةِ الإِجَارَةِ حُكْمُ الطلق؛ قال القاضي: إِلَّا أَنَّ الْحُكَّامَ أجمعوا على أن الْوَقْفَ لا يُؤَجَّرُ أكثرَ من ثلاث سنين، وإن جوزنا فالزيادة في غيره،


(•) وفي النسخة (١): بسيطه.

<<  <  ج: ص:  >  >>