وكذا قاله المتولي، قال الرافعي: وهذا الاصطلاح غير مطرّد، وفي أمالي السرخسي: أنَّ المذهبَ منعُ إجارة الوقف أكثر مِنْ سَنَةٍ إذا لم تمس إليه حاجةٌ كعمارةٍ وغيرها، وحكاه الإمامُ وجهًا وقال: لا اتجاه له في الوقف على جهاتِ الخيرِ.
وَلِلْمُكتَرِي اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ بِنَفْسِهِ وَبِغَيرِهِ، كما يجوز أن يؤجر ما استأجره من غيره، فلو أَجَّرَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمَنْفَعَةَ بِنَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ كما حكاه في الكافي، كما لو باعه عَينًا بشرطِ ألّا يَنْتَفِعَ بِهَا، وقيل: يصح ويلغوا الشَّرْطُ، وقيل: يَصحانِ؛ حَكَاهُمَا ابْنُ يُونُسَ.
فَرْعٌ: يستوفي المنفعة بالمعروفِ، فإذا اسْتَأْجَرَ ثَوْبًا لِلُبْسٍ؛ لَبِسَهُ نهارًا وليلًا إلى وقت النَّوْمِ؛ ولا ينام فيه ليلًا، ويجوز نهارًا وقت القيلولة على الأصح.
فَيُرْكِبُ وَيُسَكِّنُ مِثْلَهُ، لأنه استيفاءُ عَينِ المنفعةِ الْمُسْتَحَقَّةِ لغيرِ زيادةٍ وكذا أخفُّ منه بطريقة أَوْلى، وَلَا يُسَكِّنُ حَدَّادًا وَقَصَّارًا، لزيادةِ الضَّرَرِ، وَمَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ كَدَارٍ وَدَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ لَا يُبَدَّلُ، كما لا يُبَدَّلُ الْمَبِيعُ، وَمَا يُسْتَوْفَى بِهِ كَثَوْبٍ وَصَبِيٍّ عُيِّنَ لِلْخِيَاطَةِ وَالارْتِضَاعِ، أَي وَكَأَغْنَامٍ مُعَيَّنَةٍ لِرَعْيٍّ، يَجُوزُ إِبْدَالُهُ فِي الأَصَحِّ، لأنه ليس بمعقود عليه، وإنما هو طريقُ الاستيفاءِ فَأَشْبَهَ الرَّاكِبَ وَالْمَتَاعَ الْمُعِينِ لِلْحَمْلِ، والثاني: المنعُ، كالمستوفي منه، وَنَسَبَهُ ابْنُ الصَّبَّاغ إِلَى الأَصْحَابِ، والفرقُ على الأول بَينَهُ وَبَينَ المستوفي أنَّ الثوبَ والصبيَّ يتأثران بالمنفعة حتَّى يُقَدَّرُ العملُ فيه عَينًا تارةً؛ وأثرًا أُخرى، بخلاف الراكب فإنه لا يتأثر، وقوله (عُيِّنَ) فيه شذوذٌ، لأنهُ وَضَعَ ضَمِيرَ الْمُفْرَدِ مَوْضِعَ ضَمِيرِ الْمُثَنَّى.