وَيَدُ الْمُكْتَرِي عَلَى الدَّابَّةِ، وَالثَّوْبِ يَدُ أَمَانَةٍ مُدَّةَ الإِجَارَةِ، أي حتَّى لا يضمن ما تلف منها بغير تعدٍّ ولا تقصيرٍ، لأنه لايمكنُ استيفاءُ حَقِّهِ إلّا بإثبات اليد على العين كالنخلة إذا اشترى ثمرتها بخلاف طرف المبيع على الأصح، فإنه أخذه لمنفعة نفسه ولا ضرورة في قبض البيع منه، فإن حصل تعدٍ فسيأتي، وَكَذَا بَعْدَهَا فِي الأَصَحِّ، كالمودع، والثاني: يضمن، كالمستعير، واقتضى كلامه في الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِلشَّرْح تصحيحه، وَلَوْ رَبَط دَابَّةَ اكْتَرَاهَا لِحَمْلٍ أَوْ رُكُوبٍ، وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا لَمْ يَضْمَنْ، أي سواء ماتت في المدة أو بعدها، والظاهر أنها لو ماتت في مدة الانتفاع كان الحكم كذلك، خلافًا لما يُفْهِمُهُ تَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ، إِلَّا إِذَا انْهَدَمَ عَلَيهَا اصْطَبْلٌ فِي وَقْتٍ لَو انْتَفَعَ بِهَا لَمْ يُصِبْهَا الْهَدْمُ، أي كما لو كان المعهود لو سافر أن يكون في الطريق، لأنَّ التلفَ حصلَ بربطها فيه، أمَّا إذا انْهَدَمَ عليها في وقتٍ لا يُنتفع بها كالليل في الشتاء فلا ضمان، وَلَوْ تَلِفَ الْمَالُ فِي يَدِ أَجِيرٍ بِلا تَعَدٍّ كَثَوْبٍ اسْتُؤْجِرَ لِخِيَاطَتِهِ أَوْ صَبْغِهِ، أي بفتح الصَّادِ كما ضبطه بخطه، لَمْ يَضْمَنْ إِنْ لَمْ يَنْفَرِدْ بِالْيَدِ بِأَنْ قَعَدَ الْمُسْتَأجِرُ مَعَهُ أَوْ أَحْضَرَهُ مَنْزِلَهُ، لأن المال غَيرُ مُسَلَّمٍ إليه حقيقةً، وإنما استعانَ المالكُ بِهِ في شغله كالوكيل، وقوله بأن قعد إلى آخره هو تفسير لقوله إن لم ينفرد، وَكَذَا إِنِ انْفَرَدَ فِي أَظْهَرِ الأقْوَالِ، كالمستأجر وليس أخذه لغرضه خاصة فأشبه عامل القراض، والثاني: يضمنُ، كَالْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَامِ، وجزمَ بهذا صاحبُ الخصال فقال: الأجيرُ غيرُ ضامنٍ إلّا في ثلاثة مواضع: إِذَا انْفَرَدَ بِعَمَلِهِ دُونَ صَاحِبِهِ، وَإِذَا تَعَدَّى فِيهِ، وَإِذَا عَمِلَهُ وَلَيسَ مِنْ صَنْعَتِهِ، وَالثَّالِثُ: يَضْمَنُ الْمُشْتَرِكُ، وَهُوَ مَنِ الْتَزَمَ عَمَلًا فِي ذِمَّتِهِ، لَا الْمُنْفَرِدُ، وَهُوَ مَنْ أَجَّرَ نَفْسَهُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً لِعَمَلٍ، لأنَّ الأجيرَ المنفردَ منافِعُهُ مختصةٌ بالمستأجرِ في المدة فَيَدُهُ كَيَدِ الوكيلِ مع الموكلِ، ولأن اسْتِحْقَاقَهُ الأُجرةَ لا تتوقف على العمل بَلْ على التَّمكينِ منه فلم يكن العملُ واقعًا لهُ، بخلاف المشترك فإنه لا يستحقُّ إلّا بالعمل، واحترِزْ بقوله (بِلا تَعَدٍّ) عما إذا تَعَدَّى فإنه يجبُ الضَّمانُ قطعًا.
فَرْعٌ: خاطَ الأجيرُ الثَّوبَ في دار المستأجر أو بحضرتِهِ؛ لم يكن له حبسه؛ لأنه