وقعَ مُسَلَّمًا، وإن كان في دكانهِ منفردًا فَلَهُ حَبْسُهُ عَلَى الأُجْرَةِ، قاله ابنُ أبي عصرون، وقال المصنفُ في فتاويه: للقصَّار حبسُ الثوبِ إلى استيفاءِ الأُجرة على الصحيح، لأنها عَينٌ على الصحيح دُونَ الخيَّاطِ كذا أطلقَهُ.
وَلَوْ دَفعَ ثَوْبًا إِلَى قَصَّارٍ لِيُقَصِّرَهُ أَوْ خَيَّاطٍ لِيَخِيطَهُ فَفَعَلَ وَلَمْ يَذْكُرْ أُجْرَةً فَلَا أُجْرَةَ لَهُ، لأنه لم يلتزم شيئًا وصارَ كما لو قال لغيره: أطعمني فَأَطْعَمَهُ، وَقِيلَ: لَهُ، أي أُجرة المثل؛ لأنه استهلكَ عمله فلزمه ضمانه، وَقِيلَ: إِن كَان مَعْرُوفًا بِذَلِكَ الْعَمَلِ فَلَهُ، وَإِلَّا فَلَا، عملًا بالعادةِ، وَقَدْ يُسْتَحْسَنُ، وقال الغزالي: إنهُ الأظهرُ، وصححه الشيخ عز الدين أيضًا، وقال: يجبُ لَهُ الأُجرةَ التي جَرَتْ بهَا العادةُ لذلكَ العاملِ، وإن زادت على أُجرة المثل، والذي ذكره غيرُهُ: وُجوبُ أُجرةِ المثلِ، وفي أصل المسألة وجةٌ رابعٌ: وهو أنه إن بَدَأَ العاملُ فقال: أعطني ثوبك لأقصره فلا أُجرة لهُ، وإلا فله، وقيل: عكسه؛ حكاه الدارميُّ في استذكاره فِي باب الآنيةِ كذا رَأيتُهُ فيه؛ وهو غريب لم أَرَهُ في شيء من كُتُبِ أصحابنا سِوَاهُ.
فَرْعَانِ مُسْتَثْنَيَانِ: عامل الزكاة إن شاء الإمامُ بَعَثَهُ ثُمَّ أَعْطَاهُ أَجْرَهُ، وإن شاء سَمَّى لهُ، ولو دخل حَمَّامًا بغير إذن فعليه الأُجرة أو به فعلى الخلاف، قاله الماورديُّ، وذكرهُ الرافعيُّ في الشرحِ الصغيرِ بحَثًا، وأطلقَ في الكبيرِ وجوب الأُجرة وأنه لا يخرجُ على الخلاف لاستيفائه المنفعةَ بنفسه كما لو سَكَنَ دَارًا بخلافِ ما سَلَفَ؛ فَإِنَّ صَاحِبَ الْمَنْفَعَةِ هُوَ الَّذِي صَرَفَهَا إِلَى غَيرِهِ.
وَلَوْ تَعَدَّى الْمُسْتَأْجِرُ بِأَن ضَرَبَ الدَّابَّةَ أَوْ كَبَحَهَا، أي ضربها بِاللِّجَامِ، فَوْقَ الْعَادَةِ أوْ أَرْكبَهَا أَثْقَلَ مِنْهُ أَوْ أَسْكَنَ حَدَّادًا أو قَصَّارًا ضَمِنَ الْعَينَ، لما ذكره من التعدي، أما الضربُ المعتادُ إذا أفضَى إلى التلف؛ فإنه لا يوجب ضمانًا، ويخالف ضرب الزوج زوجتَهُ؛ فإنه يَضْمَنُ؛ لأَنَّهُ يُمْكِنُ تَأَدِيبُهَا بِغَيرِ الضَّرْبِ.
فَرْعٌ مُسْتَثْنَى: لو تَعَدَّى في الأرضِ الْمُسْتَأْجِرُ لِزَرْع الْحِنْطَةِ فَزَرَعَ الذَّرَّةَ لا يصيرُ ضَامنًا لِلأَرْضِ غاصبًا لها على الأصح، من زوائد الروضة بل يلزمه أجرة المثل للذرة.