للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَكَذَا لَو اكْتَرَى لِحِمْلِ مِائَةِ رَطْلٍ مِنْ حِنْطَةٍ فَحَمَلَ مِائَةٍ شَعِيرًا أَوْ عَكَسَ، لأن الحنطة أثقل فيجتمع ثقلها في موضعٍ واحدٍ والشعيرُ أخَفُّ ويأخذُ من ظهرِ الدَّابَّةِ أكثر، أَوْ لِعَشْرَةِ أَقفِزَةِ شَعِيرٍ فَحَمَلَ حِنْطَةً، لأنها أثقل، دُونَ عَكْسِهِ، أي وهو مَا إِذَا اكْترَى لِعَشْرَةِ أَقْفِزَةِ حِنْطَةٍ فَحَمَلَ شَعِيرًا لأَنَّ قَدَرَهُمَا فِي الْحَجْمِ سواء، والشعيرُ أَخَفُّ، وَلَو اكْتَرَى لِمِائَةٍ فَحَمَلَ مِائَةً وَعَشْرَةً لَزِمَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلزِّيَادَةِ، لتعديهِ بها وحدَها، وأشار بزيادة العشرة في قوله (فَحَمَلَ مِائَةً وَعَشْرَةً) إلى أنه لو حَمَلَ زيادةً يتسامحُ بها كالْمَكُوكِ وَالْمَكُوكَينِ فلا أُجرةَ وهو كذلك فلا ضمان أيضًا، وَإِن تَلِفَتْ بِذَلِكَ ضَمِنَهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهَا مَعَهَا، لأنه صار غاصبًا بحمل الزيادة، فَإِنْ كَانَ، صاحِبُهَا مَعَهَا، ضَمِنَ قِسْطَ الزِّيَادَةِ، مواخذةً لهُ بقدرِ الجنايةِ، وَفى قَوْلٍ: نِصفَ الْقِيمَةِ، لأن تلفها بمضمون وغيره فقسطت القيمةُ عليهما كما لو جرحَهُ واحدٌ جراحةً وآخر جِرَاحَاتٍ، والأولُ فَرَّقَ بأنَّ التوزيعَ هُنا متيسِّرٌ بخلاف الجراحاتِ؛ لأن نكاياتها لا تنضبطُ، ونسبَ الإمامُ إلى المحققينَ القطعَ بالأولِ، وأصلُ القولين القولان فيما يلزمُ الجلَّادَ إذا ضرب إحْدَى وثمانينَ.

فَرْعٌ: لَوْ تَلِفَتِ الدَّابَّةُ بِسَبَبٍ غَيرِ الْحَمْلِ ضَمِنَ عِنْدَ انْفِرَادِهِ بِالْيَدِ دُونَ عَدَمِهِ.

وَلَوْ سَلَّمَ الْمِائَةَ وَالْعَشْرَةَ إِلَى الْمُؤَجِّرِ فَحَمَّلَهَا جَاهِلًا، أي بالحالِ بأن قال لَهُ: هِيَ مِائِةٌ فَظَنَّ صدقه، ضَمِنَ الْمُكْتَرِي عَلَى الْمَذْهَبِ، كما لو حمله بنفسه فيأتي فيه الخلافُ السَّالِفُ؛ لأنَّ إعدادَ المحمولِ وشدِّ الأَعْدَالِ وتسليمها إليه بعد عقد الإجارة كان كَالإِلْجَاءِ إلى الحملِ شرعًا نكان كشهادةِ شهودِ القصاصِ، والطريق الثاني: أنه على القولين في تعارض الغرورِ والمباشرةِ، واحترزَ بالجاهلِ عن العَالِمِ؛ فإنه إذا حمله ولم يقل له المستأجرُ شيئًا فالحكمُ كما في المسألة الآتية في كلامه، لأنه حَمَلَ بغير إِذْنِ صَاحِبِهِ، وَلَوْ وَزَن الْمُؤَجِّرُ وَحَمَلَ فَلَا أُجْرَةَ لِلزِّيادَةِ، لأنه لم يأذن في فِعْلِهَا، وَلَا ضَمَانَ إِن تَلِفَتْ، إذ لا يد ولا تعد، وَلَوْ أَعْطَاهُ ثَوْبًا لِيَخِيطَهُ فَخَاطَهُ قِباءً وَقَال: أمَرْتَنِي بِقَطْعِهِ قِبَاءً، فَقَال: بَل قَمِيصًا، فَالأَظهَرُ تَصْدِيقُ الْمَالِكِ بِيَمِينِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>