للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن صحابي (١).

ومن ثم صارت فتاواه إمامًا وقدوة لأهل السنة على اختلاف طبقاتهم، حتى إن المخالفين لمذهبه في الاجتهاد والمقلدين لغيره ليعظمون نصوصه وفتاواه ويعرفون لها حقها وقربها من النصوص وفتاوى الصحابة.

[مرتبة الأخذ بفتوى الصحابي عنده في الأصول]

فتوى الصحابي عند الإمام أحمد في المرتبة الثانية بعد النص -الكتاب والسنة- وقد ادعى بعض العلماء أن الإمام أحمد إذا وجد فتوى الصحابي لا يلتفت إلى النصوص ولا يتجه إليها، لأن فتوى الصحابي أغنته عن الاستنباط، أي لا يجتهد إلا حيث لم يجد فتوى الصحابي، وهذا زعم خاطئ فقد قال الإمام في رواية الأثرم: إذا كان في المسألة عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم حديث لم نأخذ فيها بقول أحد من الصحابة ولا بقول من بعدهم. ويرد ذلك الزعم أيضًا ما ذكرناه عن ابن القيم في الأصل الأول حيث قال: فإذا وجد النص -يعني الإمام- أفتى بموجبه ولم يلتفت إلى ما خالفه ولا من خالفه كائنا من كان ولهذا لم يلتفت إلى خلاف عمر في المبتوتة لحديث فاطمة بنت قيس .. (٢)، وذكر أمثلة كثيرة لذلك.

[* الأصل الثالث: الاختيار من أقوال الصحابة إذا اختلفوا]

[فتاوى الصحابة عند الإمام أحمد كانت على درجتان]

أولاهما: إذا لم يعرف خلاف بينهم في تلك الفتوى، أو وجد قول لأحدهم ولم يهده استقراؤه إلى قول آخر.

وثانيهما: إذا اختلفوا فيما بينهم، ووجد قولان أو ثلاثة، كما كان في


(١) "أحمد بن حنبل" لأبي زهرة، صـ ٢٤٥ - ٢٤٦.
(٢) "إعلام الموقعين" ١/ ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>