للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفريق قدم القياس عليه، لأنه دليل معتبر ولا دليل يعارضه.

قال الشيخ أبو زهرة: المشهور عند الحنابلة المقرر عند علمائهم أن أحمد رضي اللَّه عنه كان في كثير من الأحيان يباعد الاجتهاد بالرأي تورعًا حتى كان إذا لم يجد أثرًا أخذ بفتاوى علماء الأثر، كمالك والثوري وابن عيينة والأوزاعي وغيرهم، ومن كان شأنه كذلك فلابد أنه كان يقبل فتاوى بعض كبار التابعين كسعيد بن المسيب والفقهاء السبعة الذين انتهى إليهم فقه عمر وابن عمر وزيد بن ثابت، ولا يأخذ بهذِه الأقوال على أنها أصل فقهي، بل بالاحتياط والاستئناس كما كان شأنه في الخبر الضعيف (١).

[* الأصل الرابع: الأخذ بالحديث المرسل والحديث الضعيف إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه]

اعتبر الإمام أحمد المرسلات من الأحاديث حجة، ولكنه أخرها عن فتوى الصحابة، وضعها في قرن مع الأحاديث الضعيفة -وليس المراد بالضعيف عنده الباطل ولا المنكر ولا ما في روايته متهم بحيث لا يسوغ الذهاب إليه فالعمل به بل الحديث الضعيف عنده قسيم الصحيح وقسم من أقسام الحسن ولم يكن يقسم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف (٢)، بل إلى صحيح وضعيف- وللضعيف عنده مراتب، فإذا لم يجد في الباب أثرا يدفعه ولا قول صاحب ولا إجماعا على خلافه كان العمل به عنده


(١) "أحمد بن حنبل: حياته وعصره وآراؤه الفقهية" لأبي زهرة صـ ٣٠٠.
(٢) قال ابن تيمية في "الفتاوى" ١٨/ ٢٣: وأما قسمة الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف، فهذا أول من عرف أنه قسمه هذه القسمة أبو عيسي الترمذي، ولم تعرف هذه القسمة عن أحد قبله، وقد بين أبو عيسي مراده بذلك، فذكر أن الحسن ما تعددت طرقه ولم يكن فيهم متهم بالكذب، ولم يكن شاذا، وهو دون الصحيح الذي عرفت عدالة ناقليه وضبطهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>