للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومع هذا النقل عن الإمام أحمد، وأنه يحتج بالقياس؛ فقد رويت عنه رواية أخرى: أنه ينفي القياس. إذ جاء في رواية الميموني عن الإمام أحمد أنه قال: يتجنب المتكلم في الفقه هذين الأصلين: المجمل، والقياس (١).

ونقل أبو الحارث عن الإمام أحمد؛ وقد ذكر أهل الرأي وردهم للحديث؛ فقال: ما تصنع بالرأي والقياس، وفي الأثر ما يغنيك عنه؟ ! (٢)

فظاهر هذا أن الإمام أحمد -رضي اللَّه عنه- لا يرى العمل بالقياس، ولا يقول به، ما دام في الأثر ما يغني عنه أما إذا لم يجد فيصار للقياس للضرورة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: القياس الصحيح حق؛ فإن اللَّه بعث رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- بالعدل، وأنزل الميزان مع الكتاب، والميزان يتضمن العدل، وما يعرف به العدل، وقد فسروا إنزال ذلك بأن ألهم العباد معرفة ذلك.

واللَّه ورسوله يسوي بين المتماثلين، ويفرق بين المختلفين، وهذا هو القياس الصحيح (٣).

وقال ابن القيم: وقد كان أصحاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يجتهدون في النوازل، أو يقيسون بعض الأحكام على بعض، ويعتبرون النظير بنظيره، ثم أشار إلى قول المزني، رحمه اللَّه، بأن الفقهاء في عصر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إلى يومنا وهلم جرا، استعملوا المقاييس في الفقه في جميع الأحكام في أمر دينهم؛ قال: وأجمعوا بأن نظير الحق حق، ونظير الباطل باطل، فلا يجوز لأحد إنكار القياس، لأنه التشبيه بالأمور، والتمثيل عليها (٤).


(١) "ابن حنبل" لأبي زهرة صـ ٣١٧
(٢) "الروايتين والوجهين - المسائل الأصولية" صـ ٦٥، "العدة في أصول الفقه" ٤/ ١٢٨٠ - ١٢٨٢، "التمهيد في أصول الفقه" ٣/ ٣٦٥ - ٣٦٨.
(٣) "مجموع الفتاوى" ١٩/ ١٧٦.
(٤) "إعلام الموقعين" ١/ ٢٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>