والمباشرين له والذين رووا عنه بواسطة، فنال من ذلك قدرًا عظيمًا لم يسبقه إليه سابق، ولم يلحقه بعده لاحِق، وأطلق على هذا الديوان "الجامع لعلوم أحمد" تارة، و"جامع الرواية عن أحمد" تارة، و"الجامع في الفقه من كلام الإمام أحمد" تارة.
وقد رتبه على الكتب والأبواب والمسائل بأسلوب فذ دقيق كما يتضح لنا من الموجود منه، ولم يظهر من هذا الجامع إلا أجزاء وهي:"الوقوف"، و"الترجل"، وكتاب "أحكام أهل الملل"، و"أحكام النساء"، وبعض الأبواب الصغيرة كـ "الحث على التجارة" و"الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر". إضافة إلى ما في كتاب "السنة" له -وهو في العقيدة- أما الباقي فهو في عداد المفقود.
وقد تناقل كثيرٌ من علماءِ المذهب الروايات عن الإمام أحمد في كتبهم إما من طريق الخلال أو من طريق أصحاب أحمد، غير أن الكثير منهم لم يدقق في ذكر راوي المسألة، أو لم يتقيد باللفظ الوارد عن الإمام، بل يذكر المسألة حسب السياق الذي يتكلم فيه، والطريقة التي يصنف بها.
والباحثون في المذهب في هذا العصر بحاجة للرجوع للمصدر الأصلي لأقوال الإمام أحمد بطريقة سهلة ميسورة موثقة؛ ولهذه الأسباب فإن الحاجة كانت ماسة لإعادة بناء جامع الخلال: ولا ندعي أننا قد حققنا الغاية كاملة؛ لأن هناك بعض ما لم نقف عليه برواية صريحة، لكننا نستطيع القول أننا أعدنا بناء قدرًا كبيرًا من كتاب الخلال ولكن بالطبع بطريقة مختلفة؛ بل زدنا عليه في مواضع؛ فقد وجدنا القليل من المسائل ليست لدى الخلال في الأبواب التي وصلت إلينا من جامعه، مما يدل على عدم استيعابه لكل المرويات، وقد يكون وضعها في غير هذِه الأبواب مما لم يصلنا.