أو العقلية بايجاز غير مخلٍّ، تسهيلًا للفهم، وتمكينًا للقارئ من تحصيل المراد منه دون عناء ولا نصب مكتفيًا بذكر أهم الأقوال في المسألة الأصولية المطروحة، ولذلك سماه (الإشارة في معرفة الأصول، والوجازة في معنى الدليل)، فكانت عبارة المصنِّف علمية دقيقة مسلسة، بعيدة عن التعقيد اللفظي والتعصب المذهبي.
- ثالثًا: يستوعب كتاب الإشارة معلومات أصولية نفيسة، مفيدة للمبتدئ ولا يستغني عنها الباحث، فضلًا عن مجيئه شاملًا لجملة من أقوال علماء المالكية ممن لم تنل اجتهاداتهم حظها من الطباعة والنشر أمثال القاضي أبي إسحاق إسماعيل بن إسحاق البصري المتوفى سنة ٢٨٢ هـ وأبي الحسن بن القصار المتوفى سنة ٢٩٨ هـ - وأبي الفرج عمرو بن محمد بن عمرو الليثي المتوفى سنة ٣٣١ هـ وأبي بكر الأبهري المتوفى سنة ٣٧٥. وأبي محمد عبد الوهاب بن علي بن نصر التغلبي المتوفى سنة ٤٢٢. وغير ذلك من علماء المالكية المعروفين بالإجادة والإتقان في علم أصول الفقه وغيره من العلوم الشرعية، وهذا بغض النظر عن أئمة المذاهب الأخرى.
رابعًا: اختصر المؤلف كتاب (الإشارة) من كتابه الكبير المفصَّل في الأصول وهو (إحكام الفصول في أحكام الأصول) غير أنه - حرصًا على تبسيط
الكتاب وتسهيله - لم يسلك فيه نهج المقارنة بين الآراء الأصولية المتعارضة بإيراد أدلتها ثم مناقشتها ونقضها وإبراز الراجح منها كما فعل في الأصل إلا نادرًا، لذلك نراه يبيِّن ما ترجح عنده من الآراء الأصولية المالكية مدعمًا ترجيحه بالحجة النقلية والعقلية، وتارة يكتفي بدليل نقلي أو عقلي.
أما التعريفات الاصطلاحية الواردة في النص فقد استقاها المؤلف كلها من كتابه (الحدود في أصول الفقه)، كما يظهر - أيضًا - رجوع المؤلِّف إلى كتابه في الجدل المسمى (تفسير المنهاج في ترتيب الحجاج) فقد أفاد منه مسائل عديدة منها باب الترجيح.