للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[تمهيد]

كان على إثر سقوط الخلافة الأموية في قرطبة في مستهل القرن الخامس الهجري ظهور بلاد الأندلس مجزئةً إلى دويلات يحكمها ملوك الطوائف، ومن أشهرهم: بنو حمود بقرطبة ومالقة والجزيرة الخضراء، وبنو هود بسرقسطة، وبنو زيري بغرناطة، وبنو عباد بإشبيلية، وبنو الأفطس ببَطَلْيَوس، وبنو عامر ببلنسية، وبنو صُمادح بالمريَّة، وبنو النون بطُليْطِلة. وكان كلُّ ملك يستقل فيها بما تحت يده رسميًا (١).

وفي تلك الفترة كانت الأندلس تموج بالفوضى والاضطرابات السياسية، واشتغال كل هؤلاء الملوك في الكيد والدس والمؤامرة بعضهم لبعض، فلا يكاد

يمرُّ يوم إلا ويحدث بها وقائع مروعة من اغتيال وحرق وتقتيل ونهب.

وفي ظل هذه الأوضاع المزرية ولد الإمام أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي سنة ٤٠٣ هـ والأندلس تعاني فتنًا ومآسي شديدة، وترعرع وشبَّ وسط

شقاق وفرقة وتطاحن ملوك الأندلس على النفوذ والسلطان والألقاب (٢). وقد جسَّد


(١) وجدت دويلات في المدن الكبيرة والولايات لم تنزع ولاءها الرسمي للحكومة المركزية، ولم يتضح طابعها الاستقلالي المحلي إلا بعد السقوط النهائي للخلافة. (دول الطوائف لعنان: ١٧).
(٢) كان كل ملك يتخذ لنفسه لقبًا دينيًا كألقاب الخلفاء مثل مأمون، ومعتضد ومعتمد ومتوكل لاستجلاب ولاء الرعية وطاعتها مع وجود الفارق الكبير بينهم وبين الخلفاء وفي هذا المضمون يصور الشاعر السياسي أبو علي الحسن بن رشيق هذا التمثيل متهكمًا بقوله: =

<<  <   >  >>