للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابن حزم فساد حالتهم بقوله: (اجتمع عندنا بالأندلس في صقع واحد خلفاء أربعة، كل واحد منهم يخطب له بالخلافة بموضعه، وتلك فضيحة لم ير مثلها، أربعة رجال في مسافة ثلاثة أيام يتسمَّى كلُّ منهم بالخلافة وإمارة المؤمنين) (١) ولما عاد أبو الوليد الباجي من رحلته المشرقية التي قضى فيها ثلاث عشرة سنة عايش قلوبًا متفرقة، ومواقف متباينة، وكلمة مشتتة، عمل على تأليفها في سفارته بين الملوك للتصدي للعدوان النصراني (٢) خاصة بعد سقوط طليطلة وما خلَّفه من:

ذعر وانزعاج وآثار بالغة، كان لذلك كله الأثر السلبي المدمِّر على وحدة الأندلس وقوتها السياسية والاقتصادية والعسكرية، ووجوب الاستنصار بجيش المرابطين بقيادة يوسف بن تاشفين لمواجهة الخطر النصراني المتربص، وقد توفي أبو الوليد الباجي سنة ٤٧٤ هـ قبل تمام غرضه (٣) ورؤية النصر الساحق للمسلمين على جيوش النصارى مجتمعة في معركة الزلاقة سنة ٤٧٩ هـ، وإن كان له الفضل في المسعى والجهد المبذول في سبيل الوحدة وتحقيق النصر (٤).

وقد كان لاختلال أحوال ملوك الطوائف وتشتُّت صفوفهم انعكاسات سلبية.

من الناحية الاجتماعية تمثلت في مخلفات متردِّية حيث كان هؤلاء الملوك يرهقون مجتمعهم ويلزمون رعيهم - ظلمًا - بدفع ضرائب مالية ومغارم جائرة بدعوى


= مِمَّا يُزَهِّدُنِي في أَرْضِ أَنْدُلسٍ ... أَسْمَاءُ مُعْتَضِدٍ فيهَا وَمُعْتَمَدِ
أَلْقَابُ مَمْلَكَةٍ في غَيْرِ مَوْضِعِهَا ... كَالْهِرِّ يَحْكِي انْتِفَاخًا صُوْرَةَ الأَسَدِ
(انظر: أعمال الأعلام لابن الخطيب: ١٤٤. المُعجب للمراكشي: ١٠٥. دول الطوائف لعنان: ١٥. تروى الشطرة الثانية من البيت الأول: (سَمًاعُ مُقْتَدِرٍ فيهَا وَمُعْتَضِدِ) والشطرة الثانية من البيت الثاني (كالهر يحكي انتفَاخًا صَوْلَةَ الأسد). المعجب للمراكشي: ١٥٠).
(١) أعمال الأعلام لابن الخطيب: ١٤٢ - ١٤٣.
(٢) الذخيرة لابن بسام: ٢/ ١/ ٩٥ - ٩٦.
(٣) ترتيب المدارك للقاضي عياض: ٢/ ٨٠٨. الفكر السامي للحجوي: ٢/ ٤/ ٢١٧.
(٤) الكامل في التاريخ لابن الأثير: ١٠/ ١٥١ - ١٥٢. الحلل الموشية: ٣٣ - ٤٦. المعجب للمراكشي: ١٩٥ - ٢٠٠. دول الطوائف لعنان: ٣٢٠ - ٣٣٢.

<<  <   >  >>