للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد سادت - في عصره وضمن محيط مجتمعه بالأندلس - موجة علمية عالية تقوم على التنافس الجاد في مختلف العلوم وشتى الفنون وسائر المعارف، وفي هذا الجوِّ العلمي العام ترعرع أبو الوليد الباجي وكلُّه إرادة جدِّية، وحزم أكيد، يساعده ذكاؤه الوقاد وتعليمه الأولي، ويدفعه حرصٌ شديدٌ، ورغبةٌ مُلحَّةٌ صادقة في طلب العلم واكتسابه، والتبحُّر في أنواع المعارف المختلفة، متبعًا في ذلك هدي العلماء العاملين، ومقتديًا بهم سلوكًا وأخلاقًا.

المطلب الثاني

وفاة أبي الوليد الباجي

بعد أن قضى أبو الوليد الباجي حياة جهادية من أجل تحصيل العلم ونشره تعليمًا وتأليفًا ومناظرة، والسعي إلى دعوة حكام الأقطار الأندلسية للالتفاف حول المرابطين لنصرة الإسلام ونبذ أحقادهم وجمع كلمة المسلمين ضد عدوهم المشترك ألفنسو السادس الذي كان يتربص بالإسلام والمسلمين الدوائر، انتهى به السعي والمطاف بمدينة (الْمَرِيَّة) (١) () حيث أدركته المنيَّةُ ليلة الخميس - بين العشائين - في التاسع عشر من رجب (٢) سنة ٤٧٤ هـ.


(١) الْمَرِيَّةُ: مدينة كبيرة محدثة من أعمال الأندلس، أمر ببنائها أمير المؤمنين الناصر لدين الله عبد الرحمن بن محمد سنة ٣٤٤ هـ. وهي أشهر مراسي الأندلس وأعمرها.
(انظر: معجم البلدان لياقوت الحموي: ٥/ ١١٩ - ١٢٠. الروض المعطار للحميري: ٥٣٧ - ٣٨ هـ. نفع الطيب للمقري: ١/ ١٦٢ - ١٦٣. مراصد الاطلاع للصيفي البغدادي: ٣/ ١٢٦٤).
(٢) اختلفوا في تحديد اليوم والشهر لوفاة الباجي، فقيل: يوم الخميس تاسع رجب، وقيل: تاسع عشر صفر، وقيل: إحدى عشر رجب، نفح الطيب للمقري: ٢/ ٧٦ وقيل: سابع عشر من رجب، ترتيب المدارك للقاضي عياض: ٢/ ٨٠٨. الديباج المذهب لابن فرحون: ١٢٢. وقيل: في التاسع والعشرين من رجب، البداية والنهاية لابن كثير: ١٢/ ١٢٣ وقيل: التاسع عشر من رجب وهو مذهب الجمهور، الصلة لابن بشكوال: ١/ ٢٠٢. وفيات الأعيان لابن خلكان: ٢/ ٤٠٩. سير أعلام النبلاء للذهبي: =

<<  <   >  >>