للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شغل ونآمون منصب كبير مدخل معبد أو دائرة "أملاك" الإله آمون في طيبة، ولم يكن من كبار كهنة المدينة أو عظمائها، وإن لم يحرمه هذا من الثقافة الأدبية والثقافة الدينية. وأرخ ابتعاثه من طيبة إلى لبنان ليستورد أخشابًا لسفينة "آمون" وسرحات العظيمة الفخيمة، باليوم السادس عشر للشهر الرابع من صيف العام الخامس للنهضة التي أعلنها حريحور كبير كهنة آمون. ولم يؤرخه بأعوام حكم الملك رمسيس الحادي عشر الذي لا زال حينذاك يعتلي العرش وإن بقي مسلوب السلطة. وبهذا كان ونآمرن مبعوثًا لكبير الكهنة حريحور وليس مندوبًا للملك الشرعي الذي أغفل ذكره ويحتمل أن يكون قد ألمح إليه عرضًا في سياق حديث باسم "خعمواسة" ووصفه بأنه مجرد إنسان، مما يعني أنه لم يكن يناصره ولم يدخر له نصيبه التقليدي من الإحلال والتقديس وكانت هذه الملابسات من عوامل إضعاف موقف ونآمون في مواجهة من قابلهم من أمراء مواني الشام ومواجهة أمير جبيل بخاصة.

وبلغ ونآمون مدينة برر عمسسو "أوتانيس" العاصمة الشمالية التي ولي أمرها نس بانب جدة وزوجته تانت آمون، وقد ذكرهما باسميهما وليس بألقاب الملك التي لم يتخذاها بعد. ولعله في حرصه على ذكر تانت آمون كان يقدر مكانتها ضمنًا كأميرة أثيرة لدى زوجها الشاب أو يقدر نفوذها وقوة شخصيتها إزاء زوجها، وقد عبر عنهما معًا في سياق حديثه باسم "الشركة التي وضعها آمون في شمال أرضه" - ويبدو أنه كان يدين لها بفضل ما لا سيما وقد ذكر في قصته أنها خصته بهديا أرسلت إليه في لبنان. وفي يوم وصوله لم يضيع وقتًا وسلم الزوجين ما معه من رسائل فقالا "يقينًا سوف ننفذ ما قاله ربنا آمون رع ملك الأرباب" ولكنهما لم يذكرا كبير الكهنة حريحور بشيء. مع كونه صاحب الرسائل الفعلي، وصديقهما، بل ويرى رأي حديث أن نس بانب جدة كان أحد أبنائه الذين بلغوا على ما يقال ١٩ ولدًا وخمس بنات من زوجته نجمة، وإن ظل هذا الرأي في مرحلة الفروض. وبحكم إشراف بررعمسسو على التجارة والملاحة الشمالية، أوفده الزوجان مع ربان السفينة منجبة، وهو اسم غريب بعض الشيء عن الأسماء المصرية ولهذا عير به ونآمون فيما بعد.

وخلال أحاديه عن رحلته في الشام، أوحى ونامون بأنه كان يتفاهم مباشرة مع الأمراء والموظفين، تدليلًا على ثقافته ومعرفته بلغاتهم، أو لشيوع لغته المصرية في بلاد الشام بعد القرون الطويلة التي ارتبطت مع مصر فيها خلال الدولة الحديثة.

ووصلت سفينة ونآمون إلى "دور" وهي ميناء الثكر الذين هاجروا إلى شمال الشاطئ الفلسطيني، حيث أهداه أميرها "بدو" خمسين رغيفًا "أو شطائر"، وزق خمر وفخذ ثور. ولكنه لم يهنأ كثيرًا بهذه الحفاوة إذ سرقه رجل من سفينته وفر بثروته التي تألفت من آنية ذهبية تساوي ٥ دبنات، وأربع أوانٍ فضية تعادل ٢٠ دبنا، وحقيبة تتضمن ١١ دبنا من الفضة، وهي ثروة متواضعة بالنسبة لما كان يود استيراده من أخشاب لبنان، ولعله كان ينوي أن يقدمها هدايا إلى الأمراء الذين ود أن يقدموا له الأخشاب هدية لمولاه أو لإلهه. وفي الصباح الباكر قصد ونآمون إلى حيث يوجد الأمير بدر ليعمل على إعادة ما سرق منه باعتباره أمير البدلة ومحافظها، ولكي يستثير اهتمامه أو نخوته أعلن أن ما سرق منه لا يخصه في الواقع بقدر ما يخص

<<  <   >  >>