آمون رع ملك الآلهة ورب العالمين، ويخص نس بانب جدة وحريحور وخاصة المصريين، كما يخص الأمير بدر والأميرين ورت ومكمر، وذكر بعل أمير جبيل، ولعل هؤلاء الثلاثة الأخارى هم من اعتزم أن يخصهم بهدايا سادته في مصر في مقابل ما أراده من أخشاب بلادهم.
وجادله الأمير بدر قائلًا: هل أنت جاد فعلًا أم مدعٍ؟ إني لا أكاد أتفهم ما تعنيه، فإذا كان لصًّا من مدينتي قد تسور سفينتك وسرق مالك أديت لك المال من خزائني حتى يمكن العثور على السارق أيًّا ما كان اسمه. ولكن اللص من حيث الواقع كان تابعًا لك ولسفينتك، لتمض في ضيافتي بضعة أيام حتى أجده لك.
وليس من المستبعد أن قانون الثكر كان يأخذ بمثل ما سنته تشريعات حمورابي من قبل في بابل، من حيث مسئولية الدولة عن تعويض المواطن عما سرق منه إن لم تقبض على سارقه، وإن كان الأمير بدر قد تنصل من تطبيقه لأن السارق لم يكن من بلده.
وقضى ونآمون تسعة أيام في ميناء دور ثم واجه أميرها بأنه مادام لم يجد ماله فلا أقل من أن ييسر له الرحيل. فرد عليه بعبارات يصعب تبيين تفاصيلها وإن كان من المحتمل أنه نصحه إن اقترب من مقصده أن يأخذ من السفينة التي يبحر بها ما يعوضه عن ماله كرهينة ويدع ملاحيها يبحثون عن سارقه - وأبحر ونآمون إلى صور ثم فارقها عند انبلاج الفجر، وروي أنه عندما بلغ جبيل وجد في السفينة حقيبة تتضمن ٣٠ دبنا من الفضة فأخذها ولم يكتم أمرها وإنما قال للملاحين النكر: لقد أخذت المال وسوف يظل في حوزتي حتى تجدوا مالي أو اللص الذي سرقه، وأنا لم أنهبه ولكني سوف أحتجزه.
وعلى شاطئ البحر في ميناء جبيل احتفل ونآمون بسلامة وصوله في خباء صغير، ووجد مكانًا لتمثال "آمون على الطريق" الذي خرج به من مصر متبركًا به وليكون وسيلته في إثبات قداسة مهمته، ووضع متعلقاته في الخباء.
وفوجئ ونآمون بما لم يتوقعه، فعندما بلغ خبره أمير جبيل وأنه لا يحمل أوراق اعتماد رسمية رفض استقباله وبعث إليه يقول له: غادر مينائي. فأرسل ونآمون إليه قائلًا: فأين أذهب؟ إن وجدت لي سفينة فدعها تعيدني إلى مصر.
وسواء استقل الأمير شأن ونآمون لشخصه أم لأشخاص من أرسلوه، أو أراد إبعاده تفاديًا للمشكلات التي يمكن أن تنشب بينه وبين أصحاب السفينة، فقد قضى ونآمون ٢٩ يومًا على رصيف جبيل، والأمير لا يفتأ كل يوم يأمره أن غادر مينائي. ثم حدثت المعجزة، إذ بينما الأمير يقدم القربان لآلهته يومًا أن تلبس الإله "آمون" فتى من فتيانه ولعله أصابه بنوبة من الدروشة أو وجد الصوفية فأصبح قادرًا على التنبوء وأخذ يصيح أن أدع الإله وأدع الرسول الذي يحمله فإن آمون هو الذي أرسله.
وحدث ذلك في الوقت الذي وجد ونآمون فيه سفينة متجهة إلى مصر وشحن متاعه فيها وأخذ يترقب الظلمة حتى ينقل تمثال معبوده على ظهرها خفية دون أن تراه عين. وهكذا أظهر آمون معجزته في الوقت