للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واسترسل الأمير في صلف قائلًا: فإني إذا صحت في لبنان تفتحت السماء وإذا بالألواح هنا على شاطئ البحر "يعني بهذا قوة نفوذه في بلده وأن السماء لن تبخل عليه بالأمطار التي يستعان بسيولها على دفع أخشاب الأشجار من الغابات إلى ساحل البحر". فقدم لي إذن السفن والحبال لشحنها وسوف أعطيك إياها، وإلا غرقت السفن وهلكت وسط البحر. ثم تطلع هنا: إن آمون رعد في السماء من بعد أن وضع الإله ست إلى جانبه، وإن آمون خلق العالم بعد أن أوجد ابتداء أرض مصر التي أتيت منها. وهكذا ولكي يتم الوصول إلى البلد الذي أوجد به خرجت المهارة منها، ولكي يجري بلوغ المكان الذي أوجد به صدر العلم منها. فما هدف هذه الرحلات الساذجة التي كلفت بأدائها؟ "وكأنه يقول إنه وإن صح أن المهارة والمعرفة ترجعان أصلًا إلى مصر فإن خالق البلاد كلها واحدًا، وهو وإن ميز مصر ابتداء بما ميزها به فقد كان ذلك لخير جبيل التي يتولى أمرها. وإذا كانت مصر قد اعتادت من قبل أن تصدر المهارة والمعرفة - فما بال ونآمون قد خرج منها إذن في حال بئيسة؟ ".

وهنا بلغ الاعتزاز بالقومية مداه عند ونآمون فاستجمع جأشه ولياقته ورد قائلًا:

"هذا خطأ، فما هي برحلات غبية، وما من سفينة على النهر لا تتبع آمون، والبحر بحره، ولبنان أرضه التي تقول إنها تتبعك، ومن أجل آمون وسرحات سيدة كل السفن تنمو الغابات على الجبال. وقد قال آمون حقًّا وصدقًا لمولاي حريحور ابعثه - وقد أوفدني بهذا الإله الجليل، وها أنت قد تركت هذا الرب العظيم ينتظر ٢٩ يومًا في مينائك هذه، وأنت تعلم أنه هنا- وتلك مشيئته. وها أنت تجادل على تجارة لبنان مع آمون مولاها. أما عن قولك إن الملوك السابقين أرسلوا الفضة والذهب، فإنهم إن ملكوا الحياة والعافية ما أرسلوا ما أرسلوه من منتجات، فعوضًا عن الحياة أرسلوا البضائع إلى آبائك. وههنا آمون رع ملك الآلهة، وهو رب الحياة والعافية ورب آبائك وقد قضوا العمر يتوددون إليه - فما أنت إلا خادم لآمون، وإذا نويت أن تنفذ وأتممت رسالته فلسوف تحيا وتسعد ويعم الخير على كل أرضك وشعبك، فلا تطمع لنفسك فيما هو ملك آمون رع ملك الأرباب، فالأسد حقًّا يتطلع إلى ما في يده ... ، ومع ذلك استحضر لي كاتبًا أوفده إلى نس بانب جدة وتانت آمون، الشركة التي وضعها آمون في شمال أرضه، ولسوف يرسلان ما هو لازم، ويكفي أن أرسل لهما هذه العبارات: "أرسلاه "أي ثمن الأخشاب" إلى أن أرجع إلى الجنوب ولسوف أعمل حينذاك على رد ما لكما من دين".

وهكذا أرضى ونآمون كرامته ودافع عن ربه وعن قوميته وظل عزيز النفس وهو وحيد في مواجهة الأمير مما كان له وقعه في نفسه فأرسل مع كاتبه ورسالة ونآمون سبعة ألواح من متطلبات سفينة آمون، إلى مصر عربونًا على حسن نواياه.

<<  <   >  >>