للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقلت فيهم سمة الربو أو الليبيين شيئًا فشيئًا في النصوص المصرية، بحيث بدأ شاشانق أول ملوك العصر بلقب رئيس ما الكبير أي رئيس المشاوش وليس رئيس الربو. وكذلك كان أبوه وجده. وحمل نفس اللقب تاف نخت رأس الأسرة الرابعة والعشرين إلى جانب ألقاب أخرى قبل ولايته العرش١.

وإذا كانت المؤلفات الحديثة المذكورة قد درجت على تسمية هذه الأسر وأعوانها باسم الأسر الليبية فإنما جرت في ذلك على التقليد الإغريقي القديم الذي أطلق اسم ليبيا على كل أراضي شمال إفريقيا الواقعة غرب دلتا النيل -دون أن يقصره على حدود دولة ليبيا بمعناها المعروف في العصر الحديث، "وذلك مثلما أطلق لفظ أراضي Arabaia أو الأراضي العربية على كل المناطق الصحراوية الواقعة شرق النيل والممتدة بين شرق إفريقيا وبين غرب آسيا - دون قصره على شبه الجزيرة العربية بمدلوها المألوف".

ويدعو هذا الاستدراك إلى عرض موجز للتكوين الجنسي والاجتماعي لسكان صحراء مصر الغربية في العصور الفرعونية.

فقد رددت المصادر المصرية القديمة منذ أواخر الألف الرابع ق. م فصاعدًا ذكر أقرب هؤلاء السكان مكانًا من وادي النيل باسم "ثحنو" ونسبت إلى أرضهم التي ذكرت بنفس الاسم منتجات نباتية وأنعامًا وفيرة مما يعني امتداد مراعيها بين غرب الدلتا والسواحل الشمالية والواحات المصرية. وصور كبار أهلها في مناظر معابد الدولة القديمة في النصف الثاني من الألف الثالث ق. م بما يشبه هيئة كبار المصريين في الملامح والملابس وتصفيف الشعور، كما اشتركوا معهم في تقديس بعض أرباب غرب الدلتا مثل حور ونيت وسوبك. وكل ذلك مما يشير إلى وحدة أصول الفريقين العرقية البعيدة واستمرار الصلات بيهم، وإن أدت حياة البداوة والشرود التي عاش الثحنو عليها بحكم غلبة الظروف الصحراوية على بيئتهم إلى تعدد التجريدات التأديبية التي شنتها القوات المصرية عليهم من حين إلى آخر لتعويدهم على الطاعة والتقليل من شغبهم.

وإلى الغرب والجنوب من براري ثحنو انتشرت قبائل "ثمحو" فيما يمتد من الواحة الخارجة إلى واحة سليمة وما ورائها. ولعلهم كانوا أكثر بداوة وشرودًا مع بعد ديارهم عن وادي النيل. ولكنهم لم يكونوا بمعزل عن مصر وأهلها. فقد انضم بعض جنودهم إلى القوات المساعدة بالجيش المصري تحت قيادة وتي خلال القرن ٢٤ق. م في عصر الأسرة السادسة. وصور عدد منهم يشاركون برقصاتهم في بعض المناسبات الدينية، مما يعني ترددهم على القرى والمدن المصرية.

ولا يخلو من دلالة أن نتائج الكشوف الأثرية التي بدأها أحمد فخري وأجرتها مؤخرًا بعثة فرنسية في منطقة بلاط والواحة الخارجة قد أظهرت أن الواحات الغربية المصرية قطعت شوطًا كبيرًا خلال الدولة القديمة في الأخذ بأساليب سكان الحضر المصريين في الألقاب والوظائف والعقائد والمباني والمقابر، مما جعلها جزءًا أصيلًا من الدولة المصرية٢.


١ Gradiner, Ancient Egyptian Onomastica I, ١٢٠; Kitchen, Op. Cit., ١٢٨, ١٤١ And Refernces.
٢ Hoischer, Libyer Und Aegpter. ١٢ F., ٢٤ F.; Gardiner, Op. Cit., I, ١٠١ F. ١١٦-١١٩; Zaes, Lii, ٥٧ F.; Archaic Obiects, Pl. ٦٤; I. Borchardt, Sahure, Ii, Pl. ١; Ne-User-Re, Pl. ١٠; G. Jequier, Pept Ii, Pl. ٩; Urk., I, ١٠١, ١٦; Sinuhe, R ١٤, ١٥-١٦, Etc.

<<  <   >  >>