للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أخذت بمثله التشريعات الآشورية في القرن الثاني عشر ق. م حين أباحت رهن أفراد الأسرة في مقابل الدين، وأخذت به التشريعات الإغريقية قبل إصلاحات سولون، كما أخذت به تشريعات الاثنتى عشرة لوحة الروماينة في القرين الخامس ق. م واستمر بعدها١.

وربط بعض الباحثين بين قوانين باكن رنف وبين ما أتت الوثائق المصرية به بعد عهده في القول بأن حق الملكية المطلق للأرض تأيد بصدور قوانينه، فتيسر انتقال ملكية المنفعة دون قيد أو شرط، وأطلقت حرية الهبات من كل قيد. وأصبح المزارعون من أهل الطبقات الوسطى يتمتعون باستقلال شخصياتهم حيال الدولة وحيال الإقطاعيين، فيما عدا التزامهم بتوفية الضرائب وأداء الأعمال العامة. وتحرر أفراد الأسرة من ولاية رب الأسرة فيما يختص بأملاكهم بحيث اعتبر كل شخص مسئولًا عن ذمته، وانفتحت أبواب التحاليل لإفراز أنصبتهم من ميراث الأسرة المشترك٢. ولم يزد حكم باكن رنف عن ست سنوات ثم لقي نهاية مفجعة كما سنرى بعد قليل، وعندما أراد أهل الأساطير أن يفسروا التناقض بين صلاحه وبين سوء خاتمته ردوا الأمر إلى قدر مقدر، وزعموا أن كبشًا مباركًا نزل من السماء في أيامه وتكلم بلسان مبين وتنبأ للملك بخاتمته، وأنذر مصر بعدها بشقاء طويل. وقد حدث ذلك الشقاء فعلًا فيما رواه مانيتون وإحدى البرديات الديموطية. ولا زال التاريخ متشوفًا للكشف عن التشريعات التي نسبت إلى باكن رنف والتي يبدو أنها كانت أحد مصادر تقنين مصري متأخر عثر على بردياته المكتوبة بالخط الديموطي في منطقة تونة الجبل بمصر الوسطى، وتولى دراستها الأستاذ الدكتور جرجس متى.

جرت هذه الأحداث في الأجزاء الشمالية من مصر الموالية للأسرة الرابعة والعشرين، أما في الجنوب فظلت طيبة وما حولها على صداقتها مع بناتا التي قضى ملكها بيعنخي بقية سنوات حكمه منطويًا فيها على نفسه لسبب غير معروف. وشيد له هرم كبير نسبيًّا بقربها في كورو على نسق الأهرام المصرية وإن كان أقل منها بكثير. وتوفي في العام ٣١ من حكمه.

ثم عاد النشاط مرة أخرى بين نباتا وبين مصر بولاية ولده أو أخيه"؟ " "شاباكا" الذي استغل حماسة أتباعه لحكمه الجديد، وقضت جيوشه على استقلال باكن رنف في مصر وأهكلته قتلًا أو حرقًا.

وآثر شاباكا "نفركارع - واح إب رع" بعد أن انفرد بالأمر واتخذ منف عاصمة أن يتقي المشاكل الخارجية ليتفرغ لمشروعاته الداخلية٢. فترك حاكم أشدود الهارب منذ عهد باكن رنف لمصيره أمام سرجون الآشوري، وهادن هذا الأخير وبادله الهدايا، وكان في ذلك ما سمح لأعوان كل ملك منهما بأن يسرفوا في


١ Diodorus, I. ٤٥, ٦٥, ٧٩, ٩٤, A. Moret, De Bocchori Rege, ١٩٠٣; M. Revillout, “Bocchoris Et Son Code”, Rev. Eg., ١٩٠٧, ١٢٤-١٤١; G. Posener, Ibid., ١٩٦٩, ١٤٨-١٥٠; E. Seidle. “Law” In The Legacy Of Egypt, ١٩٤٧, ١٩٩, ٢٠٣-٢٠٤; G. Mattha. Bull. De L’inst. D’egypte, ١٩٤١, ٣٠٠-٣١٢; J.A. Wilson, Jnes, ١٩٤٨, ١٢٩ F.; U. Kaplony-Heckel, Mdaik, ١٩٦٦, ١٤٦ F.; M. El-Amir, Bieao, ١٩٦٩, ٩٤; Etc.
٢ Ancient Records. Iv, ٨٩٢ F.

<<  <   >  >>